السلاح الفلسطيني في لبنان: السلطات اللبنانية تبدأ عملية تسلم أسلحة من مخيمات فلسطينية ببيروت، فما هي الفصائل الفلسطينية المسلّحة في البلاد؟
بتوقيت بيروت -

صدر الصورة، غيتي الصور

التعليق على الصورة، لا تزال الفصائل الفلسطينية المسلّحة تنشط في بعض المخيمات على الراضي اللبنانية

بدت السلطات اللبنانية، الخميس، تسلّم السلاح من المخيمات الفلسطينية، وفق مسؤول لبناني.

وتتي العملية في إطار تنفيذ المرحلة الولى من خطة قرها الجانبان قبل نحو ثلاثة شهر، وسعي بيروت لحصر السلاح بيد الدولة.

وناقش الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع الرئيس اللبناني جوزاف عون، ملف السلاح الفلسطيني في لبنان، خلال زيارة رسمية في يار/مايو.

وقال مصدر مني في مخيم فلسطيني في بيروت إن حركة فتح ستبادر إلى تسليم السلاح، معتبراً ن الخطوة "شكلية" لتشجيع الفصائل الخرى على الإقدام.

وقال مصدر حكومي لبناني لوكالة فرانس برس إن زيارة عبّاس كانت "تهدف إلى وضع آلية تنفيذية لتجميع وسحب السلاح من المخيمات".

وقال رئيس دائرة العلاقات الوطنية في حركة حماس في لبنان علي بركة لفرانس برس قبيل وصول عباس "نطالب الحكومة اللبنانية والرئيس محمود عباس ن تكون المقاربة شاملة ولا تقتصر على ملف السلاح و الجانب المني".

وتعتبر تلك الزيارة الولى لعبّاس إلى لبنان منذ العام 2017. وجاء في بيان مشترك عقب اللقاء بين الرئيسين في قصر بعبدا، ن الجانبين شدّدا على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، ورفض ي مظاهر خارجة عن منطق الدولة، مؤكدَين انتهاء زمن السلاح غير الشرعي، بعد ما تحمّله الشعبان اللبناني والفلسطيني من "ثمان باهظة وخسائر فادحة وتضحيات كبيرة" على مدى عقود، بحسب الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.

الفصائل الفلسطينية في المخيمات

صدر الصورة، غيتي الصور

التعليق على الصورة، الحادثتان تتيان ضمن سلسلة طويلة من العمليات الإسرائيلية العسكرية ضد الفصائل المسلحّة في المخيمات الفلسطينية في لبنان

وتنشط في بعض المخيمات على الراضي اللبنانية فصائل فلسطينية مسلّحة، هذه الفصائل هي:

تسست حركة فتح في عام 1959 وهي قدم مجموعة فلسطينية مسلحة في لبنان. تشكّلت تحت قيادة ياسر عرفات الذي استمر بقيادتها حتى وفاته في عام 2004. وهي منظمة علمانية واشتراكية. وتسست كتائب شهداء القصى التابعة للحركة عام 2000، وتنشط في المخيمات الفلسطينية في لبنان بقيادة منير المقدح.

وتُعدّ فتح عنصراً ساسياً في منظمة التحرير الفلسطينية وجزءًا من السلطة الفلسطينية. ومنظمة التحرير الفلسطينية هي الكيان المعترف به دولياً كممثل شرعي للفلسطينيين. تسست المنظمة في عام 1964 وتضم عدة فصائل فلسطينية برزها حركة فتح، والجبهتان الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، إضافة إلى مؤسسات خرى تشمل المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية.

تسست حركة حماس في عام 1987، وهي مقربة من جماعة الإخوان المسلمين وتعد الفصيل الإسلامي الفلسطيني البرز. لطالما عارضت حركة فتح، وتترجح العلاقات بينهما بين التوتر والمصالحة. كما تُعتبر حماس حليفاً قريباً لحزب الله وإيران.

وعلنت حماس قبل يام عن مقتل قائدها في لبنان وعضو قيادتها في الخارج فتح شريف بو المين مع زوجته وابنه وابنته في غارة إسرائيلية استهدفت منزلهم في مخيم البص للاجئين الفلسطينيين في مدينة صور جنوبي لبنان.

هي منظمة ثورية ماركسية لينينية تسست على يد جورج حبش عام 1967. كانت تاريخياً ثاني كبر عضو ضمن منظمة التحرير الفلسطينية، وترجحت علاقتها مع حركة فتح عبر التاريخ. حمد سعدات المعتقل في السجون الإسرائيلية هو المين العام الحالي لها.

صدر الصورة، غيتي الصور

التعليق على الصورة، لطالما كان مخيم عين الحلوة مسرحاً للاشتباكات بين الفصائل الفلسطينية المتناحرة

هي فصيل فلسطيني مسلح تسس في عام 1968 كمنظمة منشقة عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. مينها العام الحالي هو طلال ناجي، بعد حمد جبريل الذي كان حد القادة العسكريين في الجبهة الشعبية وقد توفي عام 2021.

هي منظمة ثورية علمانية ماوية تسست في عام 1968 على يد نايف حواتمة، وهي يضاً عضو في منظمة التحرير الفلسطينية.

تسست في التسعينيات، وهي جماعة جهادية سلفية كانت نشطة جداً حتى عام 2010، ولها وجود قوي في مخيم عين الحلوة.

جماعة إسلامية سلفية مرتبطة بتنظيم القاعدة، تسست في عام 1991 وتعارض حركة فتح، حيث خاضت معها معركة في عام 2006.

جماعة سلفية إسلامية مرتبطة يضاً بتنظيم القاعدة. اندلعت اشتباكات بينها وبين فتح للسيطرة على مخيم عين الحلوة. دت المفاوضات إلى وقف إطلاق النار بين المجموعتين.

ولطالما كان مخيم عين الحلوة مسرحاً للاشتباكات بين الفصائل الفلسطينية المتناحرة. وفي حين ن بعض المخيمات الفلسطينية غير مسلحة، فإن عين الحلوة يعتبر ملاذاً للعديد من الفصائل الفلسطينية المسلحة التي تتغير تحالفاتها حياناً وتتنافس مصالحها.

لماذا هناك وجود فلسطيني مسلّح في لبنان؟

صدر الصورة، غيتي الصور

التعليق على الصورة، عام 1969، وبعد انطلاق بعض العمليات العسكرية من جنوب لبنان ضد إسرائيل، برم الفرقاء في لبنان اتفاقية القاهرة في ما بينهم الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر

بين واخر عام 1947 حتى وائل عام 1949 نزح نحو 750 لف فلسطيني خارج الراضي التي صبحت فيما بعد إسرائيل، بعد طرد معظمهم و فرارهم خوفاً على سلامتهم، ولم يُسمح لهم بالعودة.

واستقبل لبنان نحو 100 لف منهم، استقروا في 12 مخيماً للاجئين في جميع نحاء البلاد.

عام 1969، وبعد انطلاق بعض العمليات العسكرية من جنوب لبنان ضد إسرائيل، برم الفرقاء في لبنان اتفاقية القاهرة في ما بينهم الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر.

نصّت الاتفاقية على نه لا يمكن نشر الجيش اللبناني داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، ون الفصائل الفلسطينية الموجودة في المخيمات هي المسؤولة عن منها.

بحلول عام 1971، صبح لبنان القاعدة الوحيدة لمقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية، بعد اشتباكات مسلحة بين مقاتلي المنظمة والجيش الردني، عُرفت بحداث "يلول السود" عام 1970 والتي قضت على وجودهم في المملكة.

في بداية السبعينيات، امتد نفوذ منظمة التحرير الفلسطينية إلى مناطق خارج المخيمات في بيروت وجنوب لبنان، وصبحت بعض المناطق في الجنوب تُعرف باسم "فتح لاند" (رض فتح)، بينما ظهرت "جمهورية الفاكهاني" في غرب بيروت، في إشارة إلى الحي الذي كان يضم المقر الرئيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وإلى جانب استخدامها لبنان كقاعدة عمليات للغارات على إسرائيل ومصالحها في جميع نحاء العالم، بدت منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها سلسلة من عمليات اختطاف الطائرات التي استهدفت الرحلات الجوية الإسرائيلية والدولية التي تقل الإسرائيليين.

وكان لهذه العمليات تثير كبير على الاستقرار الداخلي في لبنان وزيادة الصراع الطائفي، لا سيما بين حزاب اليمين المسيحي وحزاب اليسار المتحالف مع منظمة التحرير الفلسطينية، في زمةٍ تحولت في نهاية المطاف إلى حرب هلية شاملة بدءاً من 13 إبريل/ نيسان 1975.

مغادرة منظمة التحرير الفلسطينية لبنان

صدر الصورة، غيتي الصور

التعليق على الصورة، مع انتقال حوالي 12 لف مقاتل إلى العديد من الدول العربية، شكل اجتياح 1982 نهاية وجود منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان

لعبت الفصائل الفلسطينية المسلحة دوراً كبيراً في الحرب الهلية اللبنانية (1975-1990)، ويرى بعض اللبنانيين ن الوجود الفلسطيني المسلّح في لبنان هو السبب الرئيسي لاندلاع الصراع الهلي.

في البداية، تحالف العديد من الفصائل الفلسطينية، وبخاصة حركة فتح، مع الجماعات اللبنانية اليسارية مثل الحركة الوطنية اللبنانية ولعبت دوراً رئيسياً في الجولة الولى من الحرب الهلية والتي تُعرف باسم "حرب السنتين" (من بريل/ نيسان 1975 حتى كتوبر/ تشرين الول 1976).

وفي يونيو/ حزيران 1982، بدت إسرائيل اجتياحاً واسع النطاق للبنان تحت عنوان الرد على محاولة اغتيال فاشلة لسفيرها في لندن، شلومو رغوف. وقد ُعلن عن هذا الهجوم من قِبَل مجموعة منشقّة عن منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة صبري البنا، المعروف يضاً باسم بو نضال.

قُدِّرت الخسائر المدنية اللبنانية والفلسطينية بين 17 لف و20 لف وفق تقارير منظمات إنسانية كالصليب الحمر الدولي ومنظمة العفو الدولية،. بينما قُدِّرت خسائر الجيش الإسرائيلي بحوالي 650 جندياً وفقاً لمصادر حكومية إسرائيلية ومنشورات الجيش الإسرائيلي​.

جبر الاجتياح منظمة التحرير الفلسطينية على مغادرة مقرها في بيروت بموجب اتفاق جديد توسط فيه مبعوث المم المتحدة آنذاك فيليب حبيب. ومع انتقال حوالي 12 لف مقاتل إلى العديد من الدول العربية، شكل اجتياح 1982 نهاية وجود منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان.

عودة مقاتلين فلسطينيين إلى لبنان

صدر الصورة، غيتي الصور

التعليق على الصورة، العائدون اصطدموا بحركة مل التي كانت تمثل المجتمع الشيعي اللبناني وكانت شعبيتها كبيرة في جنوب لبنان

بعد قل من سبوعين على مغادرة منظمة التحرير الفلسطينية، شهد مخيما صبر وشاتيلا للاجئين مجرزة راح ضحيتها الآف الفلسطينيين من القتلى والجرحى والمفقودين.

وُجّهت الاتهامات إلى ميليشيات لبنانية بعد يومين على اغتيال قائد "القوات اللبنانية" المُنتخب رئيساً للجمهورية بشير الجميّل.

مع انتهاء إسرائيل من انسحاب جزئي من جنوب لبنان بحلول ربيع 1985 في عقاب تصاعد الهجمات المسلحة ضدها من قبل فصائل لبنانية مختلفة، عاد مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية إلى المخيمات في المنطقة. وعادوا تنظيم صفوفهم وبدوا الاستعداد لاستئناف نشطتهم المسلحة ضد القوات الإسرائيلية المتبقية في جنوب لبنان.

لكن العائدين اصطدموا بحركة مل التي كانت تمثل المجتمع الشيعي اللبناني وكانت شعبيتها كبيرة في جنوب لبنان. وعلى الرغم من نها نفذت عمليات عسكرية ضد الجيش الإسرائيلي في الجنوب، كانت حركة مل مصممة على عدم السماح باستئناف منظمة التحرير الفلسطينية هجماتها على إسرائيل من الراضي اللبنانية.

في السنوات التالية تراجع النشاط المسلّح الفلسطيني في لبنان. وتم إلغاء اتفاقية القاهرة من قبل البرلمان اللبناني في مايو/ يار 1987. وفي كتوبر/ تشرين الول 1989، وقع النواب اللبنانيون اتفاقاً بوساطة سعودية-سورية لإنهاء الحرب الهلية في البلاد، عُرف باسم "اتفاق الطائف".

وفي محاولة لاستعادة سلطته في جميع نحاء البلاد، نشر الجيش اللبناني قواته في مناطق واسعة من جنوب لبنان في يوليو/ تموز 1991، مما جبر مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية على العودة إلى المخيمات.

ما بعد الحرب الهلية

صدر الصورة، غيتي الصور

التعليق على الصورة، على الرغم من جهود نزع السلاح، استمرت الفصائل الفلسطينية المسلحة في الوجود في لبنان

بعد انتهاء الحرب الهلية اللبنانية شهدت العديد من الفصائل الفلسطينية المسلحة انخفاضاً في عملياتها العسكرية وتحولاً نحو النشطة السياسية. وكان اتفاق الطائف، الذي نهى الحرب الهلية، يهدف إلى نزع سلاح الميليشيات واستعادة سلطة الدولة، مما دى إلى توترات بين الدولة اللبنانية والفصائل الفلسطينية.

ووضعت الحكومة اللبنانية ترتيبات منية مع الفصائل الفلسطينية في مخيمات اللاجئين، مما سمح لها بالحفاظ على درجة من الحكم الذاتي مع الحد من قدراتها العسكرية.

وعلى الرغم من جهود نزع السلاح، استمرت وجود الفصائل الفلسطينية المسلحة في لبنان.

وتحافظ جماعات مثل فتح وحماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وغيرها على وجودها في مخيمات اللاجئين، وغالبا ما تنخرط في القضايا المنية والسياسية المحلية.

ووقعت اشتباكات دورية بين مختلف الفصائل الفلسطينية، وكذلك بين الجماعات الفلسطينية والجيش اللبناني.

وتشمل الحوادث البارزة النزاعات في مخيم نهر البارد شمال لبنان عام 2007 وفي مخيم عين الحلوة، خصوصاً النزاع الذي شهده في يوليو/ تموز عام 2023، حيث اندلعت التوترات بين حركة فتح وجماعات خرى مثل عصبة النصار وجند الشام.



إقرأ المزيد