ما أبرز التعديلات المطلوب إدخالها الى قانون الفجوة الماليّة؟
لبنانون فايلز -

مع انطلاقة العام الجديد، يصل قانون "الفجوة المالية" الذي أعدته وتبنته الحكومة الى اللجان النيابية المشتركة، ومنها سيُحال على الأرجح الى لجنة المال والموازنة، التي تُعتبر صاحبة الاختصاص لتدرسه وتناقشه، قبل احالته الى الهيئة العامة للتصويت عليه.

هذا القانون الذي مرّ بصعوبة في مجلس الوزراء بعد تصويت 9 وزراء ضده، ستكون طريقه الى الاقرار في الهيئة العامة لمجلس النواب أكثر تعقيدا بعد، باعتبار أن كتلا نيابية اضافية غير ممثلة في الحكومة تعترض عليه أيضا، وستسعى لاسقاطه.

ويعتقد البعض أن تعديلات معينة يمكن ادخالها الى القانون قد تسمح باقراره، وبالتالي تجاوز الضغوط الدولية التي تمارس على "لبنان الرسمي" لبدء تطبيقه، لكن الخبراء والمطلعين عن كثب على مواد هذا القانون وتفاصيله، يعتبرون أنه بحاجة الى اعادة نظر بكليته، لأنه قائم على أسس غير صالحة ماليا وقانونيا، ما يحتم تلقف الحكومة مجددا كرة النار، عوض القائها في كنف المجلس النيابي، ما يهدد بتأرجحه طويلا داخل اللجان، وبالتالي تمديد فترة الأزمة المتواصلة منذ 6 سنوات.

ويعتبر الكاتب والباحث في الشؤون الماليَّة والاقتصاديَّة البروفسور مارون خاطر، أنه وبعد اقرار القانون من قبل مجلس الوزراء، تتجه الأنظار الى لجنة المال والموازنة ودورها في مقاربة هذا النص، "لا بوصفه مسودة تِقنية قابلة للترميم، بل كمشروع يُعاني خللاً بنيوياً عميقاً، يبدأ من الإطار المفاهيمي ولا ينتهي عند أدقّ تفاصيله". وقال لـ"الديار" أن "المشكلة لَيست في نقص بَعض المواد أو ضُعف الصياغة كما تمَّ تصويرها، بَل في مُقارَبَة قانونية-اقتصادية خاطئة تجعل المشروع بصيغته الحالية، كارثيّ وَغير قابِل للحياة".

ويضيف: "بناءً على ما تقدّم، لا نَرى أنّ المسؤولية يمكن أو يَجب أن تُلقى على عاتِق هذه اللجنة أو أي لَجنة أُخرى في مَجلِس النواب، إذ إنَّ المًطلوب ليس إدخال تعديلات جزئية على مشروع القانون، بَل نقضه من الأساس. فالمسألة لا تتعلّق بتصحيح مواد هنا أو إعادة صياغة فقرات هناك، بل بإعادة النظر كلياً في الفلسفة التي قام عليها المشروع، وفي المنهجية التي اعتمدها لمعالجة واحدة من أخطر الأزمات المالية في تاريخ لبنان الحديث، لا بل في التاريخ".

وينبّه من "تحميل اللجان النيابية عبء ترقيع نصّ فاقد للأسس النظرية والعملية السليمة لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد الأزمة، وتضييع ما تبقّى من وقت وفرص، فيما المطلوب مقاربة شاملة جديدة، واضحة الأهداف، محدّدة الخسائر، ومترابطة مع مسار إصلاحي ومحاسبي متكامل"، لافتا الى أن "المشروع الحالي يتجاهل أولا مقاربة الأسباب الحقيقية للأزمة اللبنانية، كما وثّقتها تقارير موثوقة صادرة عن صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ولجنة تقصّي الحقائق النيابية. فهو لا ينطلق من رقم واضح ومحدّد للخسائر المجمّعة في النظام المالي، ولا يقدّم منهجية شفافة لتوزيعها، ولا يربط بين المعالجة المالية والإصلاحات البنيوية المطلوبة في المالية العامة والحوكمة واستقلالية القضاء. والأخطر أنه لا يضع أي جدول زمني للمحاسبة بالتوازي مع الإصلاح، ما يجعله مجرّد إدارة للأزمة لا حلاً لها".

كما يرى أنه "في ما يتعلّق بالودائع، فالمشروع يكشف عن مقاربة انتقائية وغير عادلة. فهو لا يأتي على ذكر الودائع بالليرة اللبنانية، التي حجزتها المصارف ومنعت تحويلها أو سحبها، في تجاهل فاضح لجزء أساسي من حقوق المودعين. كما يميّز بين الودائع، لا سيما تلك التي حُوّلت إلى الدولار بعد تشرين الأول 2019 بموافقات رسمية من مصرف لبنان، وكأن المودع يُعاقَب على التزامه بالقانون. أما الودائع التي تفوق قيمتها مئة ألف دولار، فيتعامل معها المشروع بطريقة تصادمية تؤدي عملياً إلى تدمير ما تبقّى من ثقة بالقطاع المصرفي، ليس فقط لدى المودعين، بل أيضاً لدى المستثمرين المحتملين".

ويحذّر خاطر من أن "هذا المسار سيقود اقتصاديا إلى إقصاء مالي واسع من جهة، وإلى عدم إنصاف المودعين من جهة ثانية، ما يعني حكماً ضرب القِطاع المَصرفي والدفع نحو المزيد من اقتصاد الكاش والفوضى النَّقدية"، مضيفا: "كما أنه من الجهة القانونية، يواجه المشروع عقَبات جسيمة، أبرزها عدم جواز تحويل الودائع إلى سندات قسرية، وعدم جواز اعتبار موجودات مصرف لبنان ضمانة لها، فضلاً عن إشكاليات دستورية تتعلق بآلية التصويت في مجلس الوزراء وصلاحياته".

ولا يبدو أن الحكومة التي أقر رئيسها بأن القانون ليس مثاليا واعتبره واقعيا، بصدد استعادة القانون لاعداد آخر، رغم كل الاعتراضات التي تواجهه، ما يرجح بحسب مصادر معنية احتدام الصراع والنقاش داخل اللجان في الأسابيع الأولى من العام الجديد، قبل أن يتصدر استحقاق الانتخابات النيابية المشهد العام، مطيحا كل الاستحقاقات الأخرى.

الديار - بولا مراد

The post ما أبرز التعديلات المطلوب إدخالها الى قانون الفجوة الماليّة؟ appeared first on أخبار الساعة من لبنان والعالم بشكل مباشر | Lebanonfiles | ليبانون فايلز.



إقرأ المزيد