نظام ضرائبي صديق للثروة كفيل بجذب المغتربين وأموالهم
لبنانون فايلز -

بما أن تحويلات المغتربين المالية إلى لبنان تعتبر شريانًا أساسيًا للاقتصاد منذ سنوات بسبب الالتزام المستدام للمغتربين في بلدهم الأمّ وارتباطهم العاطفي العميق بوطنهم، فإن لبنان الذي يعاني اليوم من شحّ في الاستثمارات وعجز في جذبها، بحاجة إلى إصلاح نظامه الضريبي على غرار ما قام به العديد من الدول من أجل جذب الاستثمارات وإغراء أصحاب الثروات، خصوصًا المغتربين منهم.

تتضمن بعض الاقتراحات المتداولة بأن يصار إلى اعتماد نظام ضريبي صديق للثروة، لجذب الثروات ورؤوس الأموال الأجنبية خصوصًا التابعة للمغتربين اللبنانيين المتموّلين والمنتشرين في كافة أنحاء العالم، يقوم على فرض ضريبة سنوية اختياريّة ثابتة تتراوح بين 25 و50 ألف دولار على الدخل الأجنبي المصدَر، مع إعفاء كامل من الضرائب على الأرباح والعوائد الخارجية والميراث والثروة على الاستثمارات المعتمدة، والهدف من ذلك، وقف نزيف رؤوس الأموال إلى الخارج وجذب أثرياء المهجر.

ما هو النظام الضريبي الصديق للثروة؟

يعتمد النظام الضريبي الصديق للثروة نسبة أو مبلغًا ضريبيًا ثابتًا على الدخل، بغض النظر عن قيمة هذا الدخل. وفي بعض الحالات الخاصة، يُسمح بدفع ضريبة سنوية اختيارية ثابتة على الدخل الأجنبي المصدر، مع إعفاء كامل من الضرائب على الأرباح والعوائد الخارجية. في هذا النظام، يمكن للمقيمين أو المستثمرين الأجانب أن يدفعوا مبلغًا محددًا سنويًا أو نسبة صغيرة ثابتة كضريبة، بدل الخضوع لنظام ضريبي معقد أو تصاعدي. وفي المقابل، يحصلون على إعفاء كامل من الضرائب على الأرباح القادمة من الخارج، مثل الأرباح من الاستثمارات أو الفوائد المصرفية أو الأسهم.

يتميّز النظام الضريبي الصديق للثروة بمكوّناته التي تنصّ على فرض ضريبة سنويّة صغيرة أو إضافية غير شاملة لكلّ الناس، تكون اختيارية أي يختارها الشخص بدلًا من النظام العادي، وتكون ثابتة أي مقطوعة لا تتغيّر وفقًا لحجم الدخل على غرار النظام الضريبي التصاعدي على الأرباح. وتُفرض هذه الضريبة على الدخل الأجنبي المصدر أي الأموال التي تأتي من خارج البلد، على أن يصار إلى إعفاء كامل من الضرائب الخارجية أي لا تفرض الدول ضرائب محلية على الأرباح والعوائد المتأتية من الخارج.

يهدف هذا النظام بشكل أساس، إلى جذب المستثمرين والأثرياء للإقامة في البلد، ويشجع الاستثمار الأجنبي ويحرّك الاقتصاد المحلي، كما يؤمّن دخلًا ثابتًا لخزينة الدولة من ضرائب بسيطة وواضحة، ويعزز صورة البلد كمركز مالي آمن ومستقرّ، والأهمّ أنه بسيط وسهل التطبيق ويساهم في تقليص حجم التهرّب الضريبي بسبب وضوحه. في المقابل، قد يُعتبر النظام الضريبي الصديق للثروة غير عادل للفقراء لأنه يفيد الأغنياء أكثر ويؤدي إلى زيادة الفجوة بين الطبقات الاجتماعية.

تلجأ الدول الصغيرة أو المفتوحة اقتصاديًا إلى هذا النظام لأنها تسعى إلى جذب رؤوس الأموال الأجنبية، وإلى تحريك اقتصادها المحلي من خلال إنفاق الأغنياء والمستثمرين. فتعتمد على الضرائب الثابتة كوسيلة سهلة وسريعة لزيادة الدخل الحكومي دون إرهاق المواطنين. لهذا السبب، يُطلق عليه أحيانًا اسم "النظام الضريبي الصديق للثروة" لأنه يوفر بيئة ضريبية مريحة تجذب الثروة بدلًا من أن تُخرجها.

في سويسرا، على سبيل المثال، يوجد نظام خاص يُعرف باسم Lump-Sum Taxation يسمح للأجانب الأغنياء بدفع مبلغ سنوي ثابت كضريبة (150,000 فرنك سويسري)، على أن تُعفى في المقابل أرباحهم وثرواتهم في الخارج من أي ضرائب. وقد جعل هذا النظام سويسرا وجهة مفضلة للأثرياء ورجال الأعمال من جميع أنحاء العالم.

فهل يمكن اعتماد النظام الضريبي الصديق للثروة في لبنان؟ وهل فعلًا يمكن أن يؤدي اعتماده إلى جذب رؤوس أموال المغتربين؟

في هذا الإطار، أوضح رئيس جمعية الضرائب هشام المكمل أن ما يتمّ السعي اليه اليوم هو جعل النظام الضريبي في لبنان أكثر عدالة، لجذب رؤوس الأموال وتحفيز المغتربين على العودة إلى بلدهم الأمّ، مشيرًا إلى أنه لا يجوز فرض ضريبة على المغترب اللبناني أو اللبناني المقيم في لبنان والذي يحقق أموالًا في الخارج، لعدم الازدواج الضريبي، وبالتالي فإن الإقليمية الضريبية وإقليمية الإيراد تنصّ على أنه في حال تحققت الأرباح خارج الأراضي اللبنانية وخضعت لضريبة في الدولة التي تحققت فيها، لا يفترض أن تخضع لضريبة في لبنان كما يحاول البعض تسويقه اليوم.

وشرح المكمل أن الأرباح التي يحققها لبنانيون في كافة أنحاء العالم تخضع لضريبة على الأرباح في البلد المحققة فيه. أما صافي تلك الأرباح بعد تنزيل الضريبة المتوجبة عليها في البلد المعنيّ، والتي تعتبر أموالًا صافية وعوائد وأرباح تعود لأشخاص لبنانيين، فهي التي يتم السعي لإقرار قانون يخضعها للضريبة وفقًا للمادة 69 و 78 من قانون ضريبة الدخل. لكن المكمل أكد أن الاقتراح الأنسب والذي يتمّ بحثه حاليًا، هو فرض ضريبة وفقًا لسقف معيّن وليس مقطوعة، على ألاّ تتجاوز سقفًا معيّنًا على غرار بعض الدول التي تعتمد ضريبة على العوائد من خارج البلد التي تفوق مبلغًاا معيّنًا وبحدّ أقصى محدّد.

واعتبر أن تحفيز المستثمرين والمغتريين للعودة إلى لبنان يجب أن يترافق حتمًا مع تعديل وإقرار نظام ضريبي عادل لا يفرض عليهم ضرائب إضافية على العوائد التي يحققونها في الخارج، خصوصًا أن هذا البلد لا يقدم لهم الخدمات الأساسية من ضمان شيخوخة وغيرها... مشددًا على وجود عوائق أمام اعتماد النظام الضريبي الصديق للثروة أوّلها ضرورة تفعيل اتفاقيات عدم الازدواج الضريبي، العمل على تقديم حوافز لتشجيع عودة رؤوس الأموال من الخارج إلى الداخل وأصحاب رؤوس الأموال الذين قد يساهمون عند عودتهم، في زيادة الفرص الاستثمارية في البلاد. وفي الختام، شدد المكمل على أن هذا النظام الضريبي يطبّق على الأفراد المقيمين فقط في لبنان والمتأتية عوائدهم من الخارج بعد تسديد ضريبة أرباح عليها في البلد المحققة فيه، ليصار بعدها إلى تسديد ضريبة رؤوس الاموال سنويّة عليها في لبنان بسقف معيّن.

رنى سعرتي - نداء الوطن

The post نظام ضرائبي صديق للثروة كفيل بجذب المغتربين وأموالهم appeared first on أخبار الساعة من لبنان والعالم بشكل مباشر | Lebanonfiles | ليبانون فايلز.



إقرأ المزيد