بتوقيت بيروت - 10/13/2025 7:31:53 AM - GMT (+2 )


تعكس تحذيرات المنظمات الدولية بشأن تحقيق الأمن المائي في المنطقة العربية واقعا صادما بشأن الفجوة التمويلية التي تعيق سد العجز في هذا المورد في ظل التغير المناخي والنمو الديموغرافي.
وتأتي هذه المخاوف، بينما يواجه نصف سكان كوكب الأرض البالغ عددهم حوالي 8.1 مليار نسمة مشكلة شح المياه نتيجة الاحتباس الحراري، مما يشير إلى أهمية ضخ المزيد من الاستثمارات في توسيع البنية التحتية ودعم المرافق الحالية.
ومع ارتفاع درجات الحرارة العالمية وتسارع أزمة المناخ، فإن من المتوقع أن تتفاقم أزمة المياه بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأن تؤثر على النمو الاقتصادي.
وتعاني المنطقة العربية من واحد من أعلى معدلات الشح المائي في العالم، ما يجعل قضية الأمن المائي على رأس أولويات التنمية، وخصوصا في الدول التي تشهد اضطرابات مثل السودان واليمن ولبنان وليبيا والعراق والأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة.
ورغم إدراك الحكومات لحجم التحدي، فإن المشاركين في فعاليات أسبوع القاهرة الثامن للمياه الذي انطلق الأحد، يرون أن فجوة الفقر المائي لا تزال تتسع، مدفوعة بعوامل مناخية وديموغرافية واقتصادية.
وفي قلب هذه الأزمة، يبرز ضعف التمويل كأحد أبرز العوائق التي تحول دون تنفيذ مشاريع البنية التحتية المائية وتطوير تقنيات إدارة الموارد. وهذا الواقع يفرض ضرورة إعادة النظر في آليات التمويل وتعبئة الموارد، لضمان استدامة المياه وتعزيز صمود المجتمعات في مواجهة ندرتها.
وفي هذا المضمار تسعى منظمة الأغذية والزراعة (فاو) بشكل محوري للمساعدة في معالجة مشكلات الندرة والإجهاد المائي بالمنطقة عبر ابتكارات متنوعة تهدف إلى ترشيد استخدام المياه والحفاظ على الموارد المائية.
وتنعقد دورة هذا العام من الأسبوع تحت عنوان “حلول مبتكرة لتعزيز القدرة على الصمود المناخي واستدامة الموارد المائية” بحضور عدد كبير من المسؤولين والخبراء وصناع القرار من مختلف دول العالم.
وتركز أجندة أسبوع المياه في نسخته الثامنة على خمسة محاور رئيسية هي التعاون والعمل المناخي والابتكار والحلول المعتمدة على الطبيعة والبنية التحتية المستدامة.
وأشار المدير العام المساعد والممثل الإقليمي لإقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بمنظمة فاو عبدالحكيم الواعر في كلمته خلال المؤتمر إلى وجود فجوة تمويلية في قطاع المياه تقدر بمليون دولار سنويا.
وقال إن هذه المشكلة “تمثل العقبة الأولى أمام التقدم في مواجهة تحديات الموارد المائية”، موضحا أن 58 في المئة من الدول تظهر كفاءات منخفضة في استخدام المياه خاصة الدول التي تعتمد على الزراعة.
وأوضح أن “مستويات الإجهاد المائي ارتفعت منذ عام 2015، إذ وصلت المستويات في أفريقيا إلى نحو 120 في المئة، ما يعكس أن المنطقة باتت في قلب أزمة ندرة المياه وهو ما دفعنا إلى الإسراع في تبني حلول مبتكرة مثل تحلية المياه وإعادة استخدامها”.
58 في المئة من الدول العربية تظهر كفاءات منخفضة في استخدام المياه خاصة التي تعتمد على الزراعة
وشدد الواعر على أن الزراعة تعد أكثر القطاعات تسببا في الندرة المائية وفي الوقت نفسه الأكثر تأثرا بها، ما يتطلب إعادة تصميم آليات تمويل قطاع المياه لجذب الاستثمارات وتعزيز الحوكمة بما يضمن التعاون والتنسيق بين القطاعات المختلفة.
ووفق بيانات الأمم المتحدة التي تعود لعام 2023، يفتقر ما يقرب من 50 مليون شخص في المنطقة العربية إلى مياه الشرب الأساسية ويعيش 390 مليون شخص في المنطقة؛ أي ما يقرب من 90 في المئة من إجمالي عدد السكان، في بلدان تعاني من ندرة المياه.
ومن المتوقع أن يرتفع عدد سكان البلدان العربية ليبلغ 634 مليون نسمة بحلول عام 2050 وأن يرتفع نصيب المدن من السكان إلى نحو 75 في المئة، ما يمثل المزيد من الضغط على البنى التحتية للمياه.
تركز العديد من الحكومات العربية على ضخ المزيد من الاستثمارات في مشاريع لتحلية المياه، لاسيما باستعمال تقنية التناضح العكسي، في مسعى دؤوب لحلّ مشكلة ندرة المياه في المنطقة التي تعتبر الأكثر جفافا على مستوى العالم.
وخلص خبراء البنك الدولي إلى أن ندرة المياه المرتبطة بالمناخ يمكن أن تؤدي إلى خسائر اقتصادية تصل إلى 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة على مدى الأعوام الثلاثين القادمة.
وقال رئيس مجلس المياه العالمي لوي فوشون في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لفعاليات الأسبوع إن “هناك 4 مليارات شخص يعيشون تحت خط الفقر المائي، داعيا إلى تحسين إدارة الموارد المائية سواء على البر أو حتى في البحر”.
وأوضح أن العالم ينقسم بين مناطق تعاني من الجفاف الشديد ومناطق تعيش في وفرة مائية، مؤكدا أهمية تبني سياسات لتوفير الأمن المائي عن طريق الحفاظ والحماية والترشيد “لتخدم المياه الجميع”.
وأضاف فوشون أن “أسبوع القاهرة للمياه أصبح صوتا مسموعا في شتى أرجاء العالم حيث يعيش الأطفال بين الحروب والفقر أو السلام والثراء”، مشددا على أن “في هذا العالم المضطرب نسعى لحماية المناخ وندعو الجميع إلى تحقيق السلام”.
كما أكد على أهمية حسن استغلال الموارد المائية ومواجهة الجفاف بشتى الطرق وحوكمة المياه وإدارتها وتخزينها سواء في السدود أو البحيرات أو حتى الموارد الجوفية.
وتبرز تحلية المياه كأحد الحلول الفعالة لمواجه ندرة الموارد، حيث تشير العديد من الدراسات والبحوث إلى أن قيمة سوق تحلية المياه العالمية بلغت قرابة 165 مليار دولار في العامين الأخيرين.
وتتوقع شركة أريزتون للاستشارات أن تصل قيمة القطاع إلى نحو 280 مليار دولار بحلول العام 2026، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 9.3 في المئة.
إقرأ المزيد