الفجوة المالية تفجّر المفاوضات.. صندوق النقد يمدّ يده لصلاحيات مصرف لبنان
لبنانون فايلز -

يطير الوفد اللبناني إلى واشنطن للمشاركة في اجتماعات الخريف التي يعقدها صندوق النقد والبنك الدوليان، ولعقد لقاءات جانبية مع مسؤولين في المؤسّستين الدوليتين، بالإضافة إلى الاجتماعات التي قد تجري مع مسؤولين أميركيين، على هامش الزيارة، ومن ضمنهم مسؤولو الخزانة الأميركية.

ما يحمله الوفد اللبناني إلى العاصمة الأميركية، ليس وفيرًا، باستثناء النية الحسنة، والرغبة في إرضاء صندوق النقد للإبقاء على مسألة عقد برنامج تمويل معه واردة. بالإضافة طبعًا، إلى لائحة بما يستطيع لبنان تلبيته من شروط تقنية مستجدّة، طلبها الصندوق من الحكومة.

المفارقة في المطالب أو الشروط التي يضعها الصندوق، أنها لا تتعلق بالإصلاح، بقدر ما ترتبط بمعايير وأمور تقنية، قد تضرّ أكثر مما تنفع. إذ بات معروفًا، أن الحكومة موافقة بل متحمّسة للشروط الإصلاحية، على اعتبار أنها مطلب شعبي ورسمي، والضغط الدولي لتنفيذها، يساعد السلطات على تبنيها، حتى لو لم تكن شعبية. لكن المشكلة أن الشروط تجاوزت الإصلاحات إلى ملامسة التدخل في قضايا تعتبرها السلطات من الشؤون الداخلية التي ينبغي أن تكون لديها حرية اتخاذ القرارات في شأنها.

الرفض الذي يواجه به مسؤولون لبنانيون، وعلى رأسهم حاكم المركزي كريم سعيد، تمدُّد مطالب الصندوق باتجاه قضايا يُفترض أنها شأن لبناني، ينطلق من نقطتين أساسيّتين:

أوّلًا- ضرورة منع المسّ بمفهوم السيادة واستقلالية المؤسّسات وفي مقدّمها مصرف لبنان، على اعتبار أن بعض المطالب تُشظي هذا المبدأ.

ثانيًا- الحرص على حلول عادلة لكلّ الأطراف، قدر المستطاع، بصرف النظر عن معايير تقنية قد تكون واردة في "كتاب" صندوق النقد.

وفي هذا السياق، يلعب الفريق اللبناني، ولو عن غير قصد ربما، لعبة الـ good man والـ bad man. ويتولّى وزير المالية ياسين جابر دور الحريص على تلبية مطالب الصندوق، ومحاولة ابتكار المخارج كلّما واجهت المفاوضات مطبّات خطرة تهدّد بفشلها. في المقابل، يحرص حاكم مصرف لبنان على ترسيم حدود واضحة لصلاحيات صندوق النقد، ويرفض المساومات عندما تصل الأمور إلى حدّ التدخل في عمل المركزي وصلاحياته، خصوصًا لجهة علاقته مع الدولة، أو مع المصارف، كمشرف ومنظم للقطاع. ويقف وزير الاقتصاد عامر البساط في الوسط، كمن يمسك العصا من منتصفها. مرةً يعتمد الصلابة، ومرةً أخرى الليونة، وكأنه وسيط بين الصندوق والفريق اللبناني، وأحيانًا، يصبح وسيطًا بين الفريق اللبناني نفسه.

في كلّ الأحوال، ما سيواجهه الوفد اللبناني في واشنطن من مطبّات يتجاوز المسائل التقنية المتعلّقة بمطالب صندوق النقد، سواء لجهة التعديلات المطلوبة على قانون إعادة هيكلة المصارف، أو ملف القرض الذي يطالب المركزي به الدولة (16.5 مليار دولار)، لأن السؤال الرئيسي يتعلّق بقدرة لبنان على تمرير قانون الفجوة المالية، قبل الانتخابات النيابية. وقد افتتح موسم الانتخابات بحفلة مزايدات في موضوع الودائع، وهو أول الغيث، لأن الآتي أعظم، حيث سترتفع بورصة المزايدات إلى سقوف جديدة لم تبلغها من قبل. ومن البديهي، أن يؤدّي ذلك إلى تعطيل الحلول، بانتظار عودة لغة المنطق والعقل والواقعية.

ما كان يتردّد همسًا، وما كان يُعتبر مجرّد تكهّنات قد تصيب أو تخيب، لم يعد كذلك، منذ أعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري بوضوح أن إقرار قانون الفجوة المالية ليس قريبًا. وهو لم يقل ذلك من باب الترويج، بل استنادًا إلى ما يعرفه من مواقف الكتل والنواب. وبعد هذا الكلام، لا حاجة إلى التحليل. المعالجة مؤجّلة إلى ما بعد الانتخابات، وحتى ذلك الوقت، سيتمّ ملء الفراغ بمفاوضات ولقاءات، من دون نتائج.

أنطوان فرح - نداء الوطن

The post الفجوة المالية تفجّر المفاوضات.. صندوق النقد يمدّ يده لصلاحيات مصرف لبنان appeared first on أخبار الساعة من لبنان والعالم بشكل مباشر | Lebanonfiles | ليبانون فايلز.



إقرأ المزيد