بعد الرسوم الجمركية الجديدة.. الصين تتهم ترامب بإشعال حرب تجارية
بتوقيت بيروت -

وجهت الصين اليوم الأحد انتقادات شديدة إلى خطة الرئيس دونالد ترامب لفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على الصادرات الصينية، وهددت باتخاذ إجراءات مضادة جديدة، مُحمّلةً الولايات المتحدة مسؤولية التدهور السريع للعلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم.

ووفقًا لوكالة “رويترز” فقد وصفت الصين الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلن عنها ترامب بأنها غير عادلة، ودافعت عن القيود التي فرضتها على صادرات المعادن النادرة والمعدات، لكنها امتنعت عن فرض رسوم جديدة على المنتجات الأمريكية، على النقيض مما حدث في وقت سابق من العام، عندما زادت البلدان تدريجيا التعريفات الجمركية على بعضهما البعض حتى وصل المعدل الأميركي إلى 145% بينما وصل المعدل الصيني إلى 125%.

وتخضع المنتجات الصينية حاليا لرسوم جمركية أميركية نسبتها 30% بناء على الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب الذي اتّهم بكين بدعم تجارة الفنتانيل وبممارسات تجارية غير منصفة. وتبلغ الرسوم الجمركية التي فرضتها الصين ردا على ذلك 10% حاليا.

وكان ترامب قد أعلن أنه سيفرض رسوماً جمركية إضافية بنسبة 100 في المئة على الواردات من الصين اعتباراً من الشهر المقبل. وقال في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، إن الولايات المتحدة ستفرض أيضاً “ضوابط تصدير” على البرمجيات الأساسية.

وفي منشور سابق رد ترامب على بكين هذا الأسبوع تشديد قواعدها على صادرات المعادن النادرة، متهماً إياها بأنها “أصبحت عدائية للغاية” وأنها تحاول “إبقاء العالم أسيراً”.

وهدد ترامب بالانسحاب من اجتماع مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، كان مقرراً في كوريا الجنوبية. لكنه قال لاحقاً إنه لم يلغ الاجتماع، لأنه لم يعلم أنهما “سيعقدانه”.

تصعيد التوترات

وكان بيان لوزارة التجارة الصينية صدر اليوم الأحد هو أول رد مباشر من بكين على مقال ترامب المطول على موقع “تروث سوشيال” يوم الجمعة، الذي اتهم فيه بكين بإثارة التوترات التجارية فجأة بعد التوصل إلى هدنة غير مستقرة قبل ستة أشهر بين أكبر اقتصادين في العالم، مما يسمح لهما بتجارة السلع دون فرض رسوم جمركية باهظة.

وقال ترامب “إن علاقتنا مع الصين على مدى الأشهر الستة الماضية كانت جيدة للغاية، مما يجعل هذه الخطوة بشأن التجارة أكثر إثارة للدهشة”.

وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان مطول إن ضوابط التصدير التي فرضتها على العناصر الأرضية النادرة جاءت في أعقاب سلسلة من الإجراءات الأميركية منذ محادثات التجارة الثنائية في مدريد الشهر الماضي.

واستشهدت بكين بإضافة شركات صينية إلى القائمة السوداء التجارية الأميركية وفرض واشنطن رسوم الموانئ على السفن المرتبطة بالصين كأمثلة.

والقائمة السوداء هي قائمة تُصدرها وزارة التجارة الأميركية، ومن يُدرج فيها يُصبح من الصعب عليه الحصول على تراخيص لاستيراد أو استلام تكنولوجيا أميركية أو منتجات تصدّر من الولايات المتحدة، لأن الشركات أو المؤسسات الأميركية المُصدّرة بحاجة إلى إذن خاص إذا أرادت التعامل مع هذه الكيانات.

والسبب في ذلك عادةً يتعلق بمخاوف تتعلق بالأمن القومي، المساعدة في القدرات العسكرية، استخدام التكنولوجيا في التجسس أو القمع، أو انتهاكات لحقوق الإنسان.

وقالت الوزارة إن “الإجراءات الأميركية ألحقت ضررا بالغاً بمصالح الصين وقوضت أجواء المحادثات الاقتصادية والتجارية الثنائية، والصين تعارضها بشدة”.

وأكدت أن “التهديد بفرض رسوم جمركية مرتفعة في كل منعطف ليس الطريقة الصحيحة للتعامل مع الصين.. إذا أصرت الولايات المتحدة على نهجها، فستتخذ الصين بحزم إجراءات مماثلة لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة”.

ولم تربط بكين صراحة بين هذه الإجراءات الأميركية والقيود التي فرضتها على صادراتها من العناصر الأرضية النادرة، قائلة إنها نابعة من القلق بشأن التطبيقات العسكرية لهذه المواد في وقت “الصراعات العسكرية المتكررة”.

مسار المفاوضات

وأدت التوترات التجارية المتجددة بين الجانبين إلى اهتزاز وول ستريت، مما أدى إلى هبوط أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، وأثار قلق الشركات الأجنبية المعتمدة على إنتاج الصين من المعادن النادرة المعالجة والمغناطيسات الأرضية النادرة، وسط مخاوف من أن تؤدي هذه التطورات إلى تعطيل القمة بين ترامب والرئيس الصيني المقرر عقدها في وقت لاحق من هذا الشهر.

وقال محللون إن قرار الصين عدم الرد الفوري بالمثل على الهجوم الذي شنه ترامب في الجولة الأخيرة من التوترات التجارية قد يترك الباب مفتوحا أمام البلدين للتفاوض على خفض التصعيد.

وقال ألفريدو مونتوفار هيلو، المدير الإداري لشركة الاستشارات الاستراتيجية جرين بوينت إنه “من خلال توضيح الأسباب الكامنة وراء إجراءاتها الانتقامية، تُحدد بكين أيضًا مسارًا محتملًا للمضي قدمًا في المفاوضات. والكرة الآن في ملعب الولايات المتحدة”.

لكن شركة هوتونج للأبحاث قالت في مذكرة لها إنه إذا اختارت بكين عدم الرد على زيادة الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب بنسبة 100%، فقد يشير ذلك إلى أنها لم تعد تعطي الأولوية لاتفاق طويل الأجل معه، مما يعكس تراجع الثقة في قدرته على كبح جماح الصقور في إدارته أو الالتزام بما تم الاتفاق عليه.

أداوت بكين

وعقب هذا التوتر الجديد أثيرت تساؤلات حول مدى إمكانية قيام بكين بتجميد أو تعقيد صفقة بيع تيك توك، نظراً لرمزيتها السياسية. وقال خبراء إن المضي قدماً في عملية البيع في ظل الظروف الحالية سيُعتبر تنازلاً كبيراً من بكين.

وتشمل الأدوات الأخرى المتاحة في ترسانة بكين إجراءات تنظيمية تستهدف الشركات الأمريكية. وفي الشهر الماضي، أعلنت إدارة الدولة الصينية لتنظيم السوق (SAMR) أن شركة إنفيديا، الشركة الأمريكية الرائدة في تصنيع شرائح الذكاء الاصطناعي، انتهكت قانون مكافحة الاحتكار في البلاد، خلال المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في مدريد.

وأعلنت هيئة تنظيم السوق يوم الجمعة عن تحقيق في مكافحة الاحتكار مع شركة تصنيع الرقائق الأمريكية كوالكوم بشأن استحواذها في يونيو 2025 على شركة تصميم الرقائق الإسرائيلية أوتو توكس.

وبعد ساعات قليلة من رد وزارة التجارة الصينية على منشور ترامب وزيادة الرسوم الجمركية، قالت هيئة تنظيم الاتصالات إن شركة كوالكوم أكملت عملية الاستحواذ دون إبلاغ الهيئة التنظيمية، مضيفة أن الشركة الأمريكية أقرت بذلك.

وقالت SAMR “بناءً على حقائق واضحة وأدلة قاطعة، بدأ مكتبنا بشكل قانوني تحقيقًا في استحواذ شركة كوالكوم غير القانوني على شركة Autotalks”.

ضوابط وليس حظر

كما ردت وزارة التجارة الصينية على رواية ترامب بأن الصين تستخدم هيمنتها في المعادن النادرة المعالجة والمغناطيسات الأرضية النادرة لمهاجمة جميع البلدان، وليس فقط الولايات المتحدة.

وقال ترامب في مقابلة يوم الجمعة: “لقد اتصلت بنا دول أخرى غاضبة للغاية إزاء هذا العداء التجاري الكبير، والذي جاء من العدم”.

وتُنتج الصين أكثر من 90% من المعادن الأرضية النادرة المُعالجة ومغناطيساتها في العالم. وتُعدّ هذه المعادن الأرضية النادرة السبعة عشر مواد أساسية في منتجات متنوعة، من المركبات الكهربائية إلى محركات الطائرات والرادارات العسكرية.

وتم تقييد صادرات 12 من هذه المعادن بعد أن أضافت وزارة التجارة الصينية يوم الخميس خمسة منها إلى القائمة إضافة إلى المواد الأخرى ذات الصلة.

وسعى بيان وزارة التجارة الصينية الصادر يوم الأحد إلى طمأنة الشركات الأجنبية التي تشعر بالقلق بسبب القيود الأخيرة على التصدير، ووعدت بتعزيز التجارة الملتزمة من خلال منح تراخيص للأغراض العامة وإعفاءات من التراخيص.

وأضافت أن “ضوابط التصدير الصينية لا تُعتبر حظرًا على التصدير. مشيرة إلى أنه سيتم الموافقة على أي طلبات تصدير للاستخدام المدني تتوافق مع اللوائح، وقالت إنه لا داعي للقلق من جانب الشركات المعنية.



تم نسخ الرابط



إقرأ المزيد