بتوقيت بيروت - 9/12/2025 6:11:45 AM - GMT (+2 )


تثير حرب الأسعار المُتصاعدة في مجال التجزئة في الصين مخاوف شركات التجارة الإلكترونية من هزة مُرتقبة في القطاع ستكون نادرة منذ فترة طويلة في أكبر أسواق العالم، ما قد يتسبب في ضغوط على أعمالها وأرباحها وعوائدها.
تتزايد ترجيحات أن يُؤدي الصراع المحتدم بين كبرى شركات الإنترنت في الصين للفوز بحرب “التجزئة الفورية” إلى المزيد من انخفاض أرباحها على المديين القصير والمتوسط، وأن يُسهم بضغوط انكماشية في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وأغرقت شركات مثل علي بابا وميتوان وجي.دي دوت كوم المستهلكين بالتخفيضات والقسائم لكسب حصة من السوق في قطاع التوصيل السريع المزدهر، مُبددةً بذلك أموالها، ومُقلصةً هوامش ربحها، ومُثيرةً تساؤلاتٍ من المستثمرين حول إستراتيجيتها.
كما تعرّضت هذه الشركات لتدقيقٍ متزايد من الجهات التنظيمية التي تُبدي قلقها من دوامة انخفاض الأسعار في السوق المحلية.
وقد ساهم انخفاض أسعار العقارات وضعف الاستقرار الوظيفي في استمرار معاناة المستهلكين، ما دفع الشركات إلى فرض أسعارٍ ودعمٍ قويين في محاولةٍ لحثّ الناس على الإنفاق.
وخلال الأسابيع الأخيرة، ومع إعلان شركات التجارة الإلكترونية وتوصيل الطعام عن أرباحها للربع المنتهي في يونيو الماضي، هيمن موضوع المنافسة على مكالمات المحللين وتعليقات المديرين التنفيذيين.
وفي حين حذّر الرئيس التنفيذي لشركة جي.دي دوت كوم ساندي شو من “المنافسة المفرطة” غير المستدامة، أشار وانغ شينغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتوان، إلى “مرحلة جديدة من المنافسة.”
وإلى جانب هؤلاء ذكر تشاو جياتشن، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة بي.دي.دي هولدينغز، أن المنافسة في القطاع “اشتدت” خلال الربع.
وبدأت شرارة الأزمة في وقت سابق من هذا العام عندما أطلقت جي.دي دوت كوم، التي أثار قلقها توجه ميتيون لبيع مجموعة أوسع من المنتجات، تطبيقًا لمنافسة أعمال ميتوان الأساسية في توصيل الطعام.
وحذا عملاق التجارة الإلكترونية، شركة علي بابا التي تدير تطبيق إيلي دوت أم.إي لتوصيل الطعام، حذوها وعزز استثماراته في هذا القطاع.
وتعهدت الشركات الثلاث بمليارات الدولارات لكسب حصة من السوق. ويقدر محللون في مؤسسة نومورا أن الخسائر النقدية على مستوى القطاع تجاوزت 4 مليارات دولار في الربع الثاني وحده.
وقال كينيث فونغ، رئيس قسم أبحاث الإنترنت في بنك يو.بي.أس للاستثمار في الصين، “يزداد المشهد تحديًا،” ويشبه لعبة “الدجاج” عالية المخاطر، حيث قد تضيع الاستثمارات المبكرة لأي لاعب يحقق عائدًا أولًا.
وتوقع في تصريح لوكالة رويترز استمرار هذه المنافسة الشديدة على الأقل حتى مهرجان التسوق “يوم العزاب” في نوفمبر المقبل.
ويرجح محللو ستاندرد آند بورز غلوبال أن تنفق ميتوان وجي.دي دوت كوم وعلي بابا ما لا يقل عن 160 مليار يوان (22.37 مليار دولار) على مدى 12 إلى 18 شهرًا القادمة للحفاظ على حصتها في توصيل الطعام وتجارة التجزئة الفورية أو زيادتها.
ولكنهم حذروا من “مراجعات هبوطية كبيرة” للأرباح، قائلين إنه من المستبعد أن تتعافى الهوامش خلال 12 إلى 24 شهرًا القادمة.
وقال ينغ وانغ، كبير المحللين في وكالة موديز للتصنيف الائتماني، “نتوقع أن تؤدي الالتزامات المعلنة للشركات بإجراءات الحكومة لمكافحة التراجع إلى ترشيد ديناميكيات المنافسة تدريجيا.”
ومن المتوقع أن تكون ميتوان الأكثر تضررًا، حيث يُسهم توصيل الطعام بشكل كبير في إيراداتها إذا استمر هذا النمط من الأعمال في السوق.
ويعتقد المحللون أن خسائر جي.دي دوت كوم في توصيل الطعام كادت تقضي على أرباحها في الربع الثاني من 2025، في حين أن شركة علي بابا أقل تأثرًا، حيث تُشكل تجارة التجزئة الفورية جزءًا أصغر من أعمالها.
وظلت منصة بيندودو المحلية التابعة لشركة بي.دي.دي بعيدة إلى حد كبير عن منافسة تجارة التجزئة الفورية، لكن ميزتها منخفضة الكلفة تتآكل بسبب تخفيضات المنافسين.
وصرح جياتشن قائلا “لا نعتقد أن مستويات أرباح هذا الربع مستدامة، ونتوقع تقلبات في الأرباح خلال الأرباع القادمة.”
وستساهم في ضغط هامش الربح في الربع الحالي صعوبات الحفاظ على إيرادات التجارة الإلكترونية من الربع حتى نهاية يونيو، والتي شملت دفعة من مهرجان التسوق الصيني “618” في منتصف العام.
ومع ذلك تراهن الشركات على أن المعاناة قصيرة الأجل ستستحق المكاسب طويلة الأجل، وهو ما قد يجعلها تتجاوز مثل هذه التقلبات.
ويتوقع جيانغ فان، الرئيس التنفيذي لمجموعة أعمال التجارة الإلكترونية في علي بابا، أن يضيف قطاع التجزئة الفورية تريليون يوان (140.2 مليار دولار) إلى حجم البضائع الإجمالي السنوي الإضافي لشركة علي بابا على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
وتشمل المقاييس الرئيسية التي تجب مراقبتها في النصف الثاني تلك التي تُظهر انتقال مستخدمي التجزئة الفورية إلى منصات التجارة الإلكترونية الأساسية.
وارتفع عدد الزبائن النشطين ربع السنوي لشركة جي.دي دوت كوم بأكثر من 40 في المئة على أساس سنوي في الربع الثاني من هذا العام.
أما تطبيق تاوباو التابع لشركة علي بابا فقد شهد ارتفاعًا في عدد المستخدمين النشطين شهريًا بنسبة 25 في المئة خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من أغسطس، مدعومًا بتحويل المستخدمين إلى خدمات توصيل الطعام.
وفي حين تبدو الشركات مستعدة لخوض معركة طويلة الأجل، هناك أيضًا احتمال أن تتوقف حروب الأسعار هذه من قبل قوى خارجية.
وحذرت الجهات التنظيمية المنصات مرارًا من “سباق الأسعار نحو القاع،” وهو ما دفع ميتوان وعلي بابا وجي.دي دوت كوم إلى إصدار بيانات في يوليو تتعهد فيها بكبح حروب الأسعار.
إقرأ المزيد