ترميم مبنى "الكهرباء" مؤجَّل: هكذا أُوقِفَت المناقصة للتحقيق!
لبنانون فايلز -

ارتبط اسم مؤسسة كهرباء لبنان بصفقات وسمسرات وهدر للمال العام في مختلف المشاريع والتلزيمات، وبقي الإصلاح عصيّاً على هذه المؤسسة بفعل الغطاء السياسي. إلاّ أنّ فيضَ الفساد بات قاتلاً، خصوصاً في ظل "تشرّد" موظفي المؤسسة منذ نحو 5 سنوات، بين مبانٍ مستأجرة وحاويات (كونتينر) تتحوّل صيفاً إلى آلة تسخين يستحيل العمل داخلها. أمّا الحلّ، فهو إتمام مشروع ترميم المبنى المركزي للمؤسسة، الذي تضرّر بفعل تفجير مرفأ بيروت في 4 آب 2020. ومشروع الترميم كان يسلك مسار التلزيم، لكنّه توقّف. فما الذي حصل، وكيف سينتهي الأمر؟

أحدَثَ تفجير مرفأ بيروت أضراراً هائلة في المبنى المركزي لمؤسسة كهرباء لبنان، ولاستكمال خدماتها، استأجرت المؤسسة مكاتب في مناطق بعيدة من المبنى، وتحديداً لدائرتيّ انطلياس والشياح، وتوزّع نحو 600 موظّف في مستوعبات كالتي تُشحَن فيها البضائع عبر المرفأ، بعد تحويلها إلى ما يشبه مكاتب لإنجاز بعض الأعمال.

وهذا الواقع جعل عمل المؤسسة شبه معطَّل، فأي مشترك يريد المراجعة في أيّ عمل أو ملفّ، عليه التوجّه إلى إحدى الدائرتي، وفق النطاق الجغرافي للعمل المطلوب، والتقدّم بالملف. فيقوم الموظّف بمتابعة الملف مع الموظفين في المستوعبات، ليعود الملف إلى حيث قدّمه صاحبه، فيعود لاستلامه بعد أيام. وبذلك، فإن إنجاز الملفّات على مختلف أنواعها وتفاصيلها، يتأخّر. فضلاً عن أنّ ظروف العمل الصعبة، تدفع الموظّفين إلى عدم الحضور يومياً إلى مكان العمل، وهو ما يؤخِّر إنجاز المهام. ووفق ما تقوله مصادر متابعة لهذا الملف في كهرباء لبنان، فإنّ "المكاتب المستأجرة لدائرتيّ الشياح وانطلياس تكبّد المؤسسة أكلافاً كبيرة، إضافة إلى مبالغ تُدفَع للسماسرة".

لتقليص حجم الفساد في المؤسسة، والذي يغذّيه التباعد بين المكاتب وهدر المال في الإيجارات والسمسرات وعدم انتظام العمل انتظاماً جدّياً، ومواكبةً لمسار الإصلاح في قطاع الكهرباء، أتت مناقصة "التعاقد مع متعهّد ملائم لتأهيل المبنى المركزي لمؤسسة كهرباء لبنان"، والتي أعلن عنها في 6 آذار 2025 وكان موعد فضّ عروضها في 13 أيار 2025.

لكن المناقصة أوقِفَت وفُتِحَ تحقيق في مسارها إثر اعتراض شركات أقصِيَت عن المناقصة. وتقول المصادر في حديث لـ"المدن" أنّه "عند فتح العروض الإدارية، وقبل فتح العروض المالية للشركات المشاركة، تبيَّنَ أنّ بعضها لم يكن مستوفياً للشروط، كمثل غياب الملاءة المالية المطلوبة، أو عدم استيفاء شرط تنفيذ عدد معيّن من المباني، فاستُبعِدَت. لكنّها تقدّمت باعتراض أمام ديوان المحاسبة وهيئة الشراء العام، فما كان من الديوان إلاّ أن أوقف المناقصة". وترى المصادر أنّ "وقف المناقصة أتى بتوقيت غريب، إذ جاء قرار الديوان قبل نحو نصف ساعة من فتح العروض المالية".

أمام هذه التساؤلات، يؤكّد المدعي العام لدى ديوان المحاسبة القاضي فوزي خميس، أنّه "بموجب فتح العروض الإدارية، جرى استبعاد 5 شركات قدّمت اعتراضاً تقول بموجبه إنّها تمتلك الشروط المطلوبة للمشاركة بالمناقصة. ولأنّ هدف الديوان تحقيق الشفافية والمحافظة على المال العام، استمعنا إلى الشركات المعترضة وإلى لجنة التلزيم التي تشكّلها مؤسسة كهرباء لبنان، ووجدنا نوعاً من الجدية في اعتراض الشركات، وهو ما يثير الريبة حول الاستبعاد، وهذا ما دفعنا إلى التريّث في استكمال المناقصة لحين دراسة الملف". ويشير في حديث لـ"المدن" إلى أنّ "الملف بات في خواتيمه، ومن المتوقّع صدور قرار بهذا الشأن، خلال أسبوع". ويلفت خميس النظر إلى أنّه "قد تقدّم إحدى الشركات المستبعدة عرضاً مالياً أقل من الشركات التي لم تُستَبعَد، وهو ما يعني توفير المال العام".

بين الحاجة لتسريع مناقصة تلزيم تأهيل المبنى وضرورة إجراء تلزيم شفّاف يضمن حسن التنفيذ وتوفير المال العام، تقوم هيئة الشراء العام بدراسة الاعتراض المقدّمة لديها من الشركات المستبعَدة من المناقصة. علماً أنّ لا صلاحية للهيئة في اتخاذ قرار بإشراك طرف أو استبعاد آخر، بل وفق ما تقوله مصادر متابعة للملف في الهيئة "عملنا يقتصر على التدقيق في سياق الكتب التي وردت إلى النيابة العامة في ديوان المحاسبة، والتي لجأت إلى هيئة الشراء العام للتدقيق في مسار عمل لجنة التلزيم".

وعلى غرار التحقيق الذي تجريه النيابة العامة في الديوان، تجري هيئة الشراء العام تحقيقها "وتبلّغ نتيجته لمؤسسة كهرباء لبنان وللنيابة العامة ويقرّر الطرفان ما يرونه مناسباً حول المناقصة، بناءً على ما يستخلصونه من تقرير الهيئة". وتلفت المصادر النظر إلى أنّ الهيئة في هذا المجال "تتحرّك بناء على المخاطر التي قد تنطوي عليها عملية التلزيم في ظل اعتراض شركات متضرّرة، فقد يكون الاعتراض صحيحاً، ولذلك لا يمكن للهيئة إغفال الاعتراض".

مستفيدون ومتضرّرون، يرى كلّ منهم بأنّه يمتلك الحق، في حين أنّ نتيجة التحقيق بعد حوالي أسبوع ستحسم الجدل ليبدأ بعدها مسار تأهيل مبنى مؤسسة كهرباء لبنان، إلاّ إذا ظهرت عراقيل أخرى تمدّد حالة التريّث. على أنّ استكمال عملية فضّ العروض وبعدها التلزيم، لا يعني بالضرورة الوصول إلى برّ الأمان، فالعبرة في الخواتيم، والتجربة اللبنانية حافلة بالتلزيمات التي قد تبدأ بشفافية وتنتهي بسمسرات تحت الطاولة.

خضر حسان- المدن

The post ترميم مبنى "الكهرباء" مؤجَّل: هكذا أُوقِفَت المناقصة للتحقيق! appeared first on LebanonFiles.



إقرأ المزيد