ترامب يربك الأسواق العالمية بعد فرض رسوم جمركية مرتفعة على عشرات الدول
بتوقيت بيروت -

أدت أحدث موجة من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على الصادرات القادمة من عشرات الشركاء التجاريين، بما في ذلك كندا والبرازيل والهند وتايوان، إلى هبوط كبير في الأسواق العالمية اليوم الجمعة في الوقت الذي تسعى فيه الدول إلى إجراء محادثات للتوصل إلى صفقات أفضل.

ووفقًا لوكالة “رويترز” فغن ترامب يمضي قدما في خططه لإعادة ترتيب الاقتصاد العالمي بعد موعد نهائي سبق أن حدده لإبرام اتفاقات تجارية ينتهي اليوم الجمعة.

ووفقا لأمر تنفيذي رئاسي، فقد حدد ترامب رسوما تصل إلى 35% على العديد من السلع من كندا، و50 % من البرازيل و25% للهند و20 % لتايوان و39% لسويسرا. وذلك بدءا من حلول الموعد النهائي عند الساعة 12:01 صباحا بتوقيت شرق الولايات المتحدة (04:01 بتوقيت غرينتش).

ونص الأمر على فرض معدلات رسوم استيراد مرتفعة تراوح بين 10% و41% خلال 7 أيام لإجمالي 69 شريكا تجاريا، وهو ما يرفع فعليا معدل التعريفة الجمركية الفعلي في الولايات المتحدة إلى نحو 18%، مقارنة بـ2.3% في العام الماضي، وفقا لشركة كابيتال إيكونوميكس.

وستخضع السلع من جميع الدول الأخرى، غير المدرجة في قائمة الرسوم المعدلة، لضريبة استيراد أميركية 10%. وكان ترامب قد صرح في وقت سابق بأن هذه النسبة قد تكون أعلى.

وجاء في الأمر الذي أصدره ترامب أن بعض الشركاء التجاريين “رغم مشاركتهم في مفاوضات، فقد عرضوا شروطا، في رأيي، لا تعالج بشكل كاف الاختلالات في علاقتنا التجارية، أو لم تتوافق بشكل كاف مع الولايات المتحدة في المسائل الاقتصادية ومسائل الأمن القومي”.

وتوصلت بعض الدول إلى اتفاقيات لخفض الرسوم الجمركية، بينما لم تتَح الفرصة لآخرين للتفاوض مع إدارة ترامب. وألمحت الإدارة إلى أنه يجري الإعداد لمزيد من الاتفاقات التجارية، في إطار سعيها لسد العجز التجاري وتعزيز التصنيع المحلي.

تهاوي الأسهم العالمية

وعلى خلفية فرض الرسوم الجمركية الجديدة تهاوت الأسهم العالمية، حيث انخفض مؤشر ستوكس 600، وتتجه الأسهم الآسيوية لتسجيل أسوأ أداء أسبوعي منذ أبريل، فيما سجلت الأسهم الأوروبية أدنى مستوى في 3 أسابيع اليوم الجمعة، مع تركيز المستثمرين على تأثير الرسوم الجمركية الجديدة.

وانخفض مؤشر سوق الأسهم السعودية بنحو 1% في الساعة الأولى من التداول، وانخفض بنحو 1.7% على مدار الأسبوع، ويتجه لتسجيل أكبر انخفاض أسبوعي منذ أوائل أبريل.

وانخفضت العقود الآجلة لمؤشر ناسداك وعقود مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 1%. وقال وي ياو، رئيس الأبحاث وكبير الاقتصاديين في آسيا لدى سوسيتيه جنرال، إن استجابة السوق لم تكن متقلبة مثل انخفاضات الأصول العالمية في أبريل، في إشارة إلى انزلاق السوق بعد الرسوم الجمركية الأولية التي أعلنها ترامب في الثاني من أبريل.

وقالت “لقد أصبحنا جميعا معتادين بشكل أكبر على فكرة أن الرسوم الجمركية التي تتراوح بين 15 و20% يمكن إدارتها وقبولها، وذلك بفضل التهديدات الأسوأ السابقة”.

المفاوضات مستمرة

من جانبها قالت الدول التي فرضت عليها رسوم جمركية باهظة إنها ستسعى للتفاوض مع الولايات المتحدة على أمل الحصول على معدل أقل. حيث قالت سويسرا إنها ستسعى إلى التوصل إلى “حل تفاوضي” مع الولايات المتحدة.

وقال ستيفان بروباخر، مدير جمعية مصنعي سويس ميم: “أنا مذهول. هذه الرسوم الجمركية لا تستند إلى أي أساس منطقي، وهي تعسفية”.

وقال الرئيس التايواني لاي تشينج تي إن معدل التعريفة الجمركية الجديد البالغ 20% “مؤقت” وأنه يتوقع الوصول إلى رقم أقل.

بينما قال وزير التجارة في جنوب أفريقيا باركس تاو إنه يسعى إلى “تدخلات حقيقية وعملية” للدفاع عن الوظائف والاقتصاد في مواجهة الرسوم الجمركية الأمريكية البالغة 30% التي يواجهها.

في المقابل تنفست دول جنوب شرق آسيا الصعداء بعد أن فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية على صادراتها، والتي كانت أقل من التهديد، وأدت إلى تسوية المنافسة بمعدل بلغ نحو 19% بين أكبر اقتصادات المنطقة.

وقال وزير المالية التايلاندي إن خفض الضريبة من 36% إلى 19% من شأنه أن يساعد اقتصاد بلاده.

وقال بيتشاي تشونهافاجيرا “إن ذلك يساعد في الحفاظ على القدرة التنافسية لتايلاند على الساحة العالمية، ويعزز ثقة المستثمرين ويفتح الباب أمام النمو الاقتصادي وزيادة الدخل والفرص الجديدة”.

فيما قال وزير التجارة الأسترالي دون فاريل إن المنتجات الأسترالية يمكن أن تصبح أكثر قدرة على المنافسة في السوق الأميركية، مما يساعد الشركات على تعزيز الصادرات، وذلك بعد أن أبقى ترامب على الحد الأدنى لمعدل التعريفة الجمركية البالغ 10% لأستراليا.

لا يوجد فائزين

لكن الشركات والمحللين قالوا إن تأثير النظام التجاري الجديد لترامب لن يكون إيجابيا على النمو الاقتصادي. وقال توماس روبف، الرئيس المشارك لسنغافورة ورئيس قسم الاستثمار في آسيا لدى VP Bank: “لا رابح حقيقي في النزاعات التجارية”. وأضاف: “على الرغم من حصول بعض الدول على شروط أفضل، إلا أن التأثير الإجمالي سلبي”.

وقال صانع النبيذ يوهانس سيلباخ في وادي موزيل بألمانيا: “الرسوم الجمركية تؤذي الأميركيين وتؤذينا”. وأضاف: “إن آلاف الأسر التي تنتج النبيذ في أوروبا وآلاف الأسر العاملة في مجال الاستيراد والبيع بالجملة والتجزئة والمطاعم في الولايات المتحدة تعتمد على التدفق من الجانبين”، مضيفا أن الوظائف والأرباح سوف تتأثر سلبا.

ستُفرض ضريبة استيراد أمريكية بنسبة 10% على السلع من جميع الدول الأخرى غير المدرجة في أوامر ترامب التنفيذية. وكان ترامب قد صرّح سابقًا بأن هذه النسبة قد تكون أعلى. كما لمّحت الإدارة إلى وجود الصفقات التجارية قيد الإعداد.

كندا والمكسيك والهند

وأصدر ترامب أمرا منفصلا يتعلق بكندا يرفع النسبة المفروضة على سلع تخضع لرسوم تتعلق بالفنتانيل إلى 35% من 25% سابقا، وقال إن كندا “لم تتعاون” في الحد من تدفق المخدرات غير القانونية للولايات المتحدة.

وتتناقض الرسوم الجمركية المرتفعة على سلع كندية بشدة مع قرار ترامب منح المكسيك إعفاء لمدة 90 يوما من رسوم جمركية أعلى تبلغ 30% على كثير من السلع لإتاحة الوقت للتفاوض على اتفاق تجاري أوسع نطاقا.

وقال مارك كارني رئيس وزراء كندا إنه يشعر بخيبة أمل إزاء قرار ترامب، وتعهد باتخاذ خطوات لحماية الوظائف في بلاده وتنويع وجهات الصادرات. وتابع عبر منصة إكس أن “الحكومة الكندية ستصب تركيزها على ما يمكنها التحكم فيه وهو تعزيز قوة كندا، في الوقت الذي سنواصل فيه التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن علاقاتنا التجارية”.

وقال ترامب إنه سيواصل فرض رسوم بنسبة 50% على الصلب والألمنيوم والنحاس من المكسيك و25% على السيارات منها وعلى السلع التي لا تشملها اتفاقية الولايات المتحدة المكسيك كندا والخاضعة لرسوم تتعلق بأزمة الفنتانيل في الولايات المتحدة.

وأضاف ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال “إضافة إلى ذلك، وافقت المكسيك على الوقف الفوري للحواجز التجارية غير المتعلقة بالرسوم الجمركية وهي متعددة” من دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل.

وتعثرت المفاوضات مع الهند بسبب مسألة الوصول لقطاع الزراعة الهندي، إذ هدد ترامب برسوم أعلى تشمل عقوبات لم يحددها على الهند بسبب شرائها النفط من روسيا. وتعهدت نيودلهي بحماية قطاع الزراعة في البلاد، وأثار تهديد ترامب بفرض رسوم أعلى موجة غضب من حزب المعارضة وتسبب في هبوط الروبية.

وقال مصدر حكومي هندي مطلع على المحادثات لرويترز يوم الجمعة إن الهند تجري محادثات تجارية مع الولايات المتحدة بعد أن فرضت واشنطن رسوما جمركية بنسبة 25% على نيودلهي، وهي الخطوة التي قد تؤثر على صادراتها التي تبلغ قيمتها نحو 40 مليار دولار.

بينما تواجه الصين مهلة نهائية في 12 أغسطس للتوصل إلى اتفاق دائم بشأن الرسوم الجمركية مع إدارة ترامب. وصرح مسؤول أمريكي للصحفيين بأنهم يُحرزون تقدمًا نحو التوصل إلى اتفاق.

وتوصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بشأن فرض تعريفات جمركية شاملة بنسبة 15% مع الولايات المتحدة في نهاية شهر يوليو.

وقال ماروس سيفكوفيتش، المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي، إن الاتفاق الإطاري الذي وقعه الاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة أعطى ين في الاتحاد “موقفا أكثر تنافسية”. وأضاف أن “هذا من شأنه أن يعزز استقرار الشركات وكذلك الثقة في الاقتصاد عبر الأطلسي”.





إقرأ المزيد