الشركات الخليجية تواجه تحدي التأقلم مع ارتداد التقلبات العالمية
بتوقيت بيروت -

تواجه الشركات الخليجية تحديات متزايدة في التأقلم مع تداعيات التقلبات العالمية، التي تتسارع وتيرتها في ظل تغيرات اقتصادية وجيوسياسية متلاحقة. وتؤثر هذه التحولات على استقرار الأسواق الإقليمية وتضع ضغوطا على قطاع الأعمال في المنطقة.

استبعدت وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتمانية أن يكون للرسوم الجمركية الواسعة التي فرضتها الولايات المتحدة تأثير مباشر على الشركات الخليجية المصنفة رغم أنها قد تواجه صعوبات.

وتعترض خطط هذه الشركات للإنفاق الرأسمالي وإعادة التمويل تحديات بفعل الآثار غير المباشرة للحرب التجارية مثل تذبذب أسعار النفط وتباطؤ الاقتصاد العالمي، وفق تقرير حديث نشرته وكالة التصنيف الأربعاء.

ورغم التحديات يؤكد العديد من المتابعين أن قدرة دول الخليج على التحرك السريع وتوفير الدعم الحكومي اللازم، إلى جانب وجود احتياطيات مالية قوية، يمنحان الشركات فرصة للتكيف والبقاء في طليعة الأسواق الناشئة.

وتعاني الشركات الخليجية بالفعل من عوامل ضاغطة نابعة من التوترات الجيوسياسية بالمنطقة وأسعار الفائدة المرتفعة، وهو ما قد يستمر جزئيا خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل توقع ستاندرد أند بورز أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) الفائدة 25 نقطة أساس فحسب في 2025.

ويأتي ذلك في الوقت الذي ما زال فيه النمو الاقتصادي في الدول الخليجية، على الرغم من جهودها لتنويع الموارد، مرتبطا بشكل كبير بأسعار النفط، وفقا للوكالة، التي خفضت توقعاتها لأسعار الخام بواقع 5 دولارات لباقي عام 2025 إلى 65 دولارا لبرميل برنت.

واعتبارا من مطلع أبريل الجاري، فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوما جمركية واسعة على معظم دول العالم، كان أكبرها على الصين، مما أثار مخاوف من تأثر الاقتصاد سلبا وتراجع الطلب على الطاقة.

واتخذت أسعار النفط مسارا هبوطيا في الآونة الأخيرة، لينزل خام القياس الأوروبي عن 65 دولارا للبرميل حاليا، في ظل توقعات بتراجع الطلب بسبب الضغوط الناجمة عن الرسوم الواسعة، لاسيما على الصين أكبر مستورد في العالم، إلى جانب زيادة المعروض بفعل قرار أوبك+ تخفيف قيود الإنتاج.

وقالت الوكالة إن “خطط الشركات للإنفاق الرأسمالي لا تزال عند مستويات مرتفعة تتراوح بين 30 و35 مليار دولار سنويا، معظمها يعود لإنفاق الكيانات المرتبطة بالحكومة السعودية ومشاريع البنية التحتية ضمن رؤية 2030، إلى جانب الاستثمارات الكبيرة في قطاعي الطاقة والاتصالات.”

وأوضحت أن الشركات المصنفة في المنطقة لديها احتياجات كبيرة لإعادة التمويل في المدى القريب بنحو 30 مليار دولار في المتوسط خلال الفترة بين العامين الجاري والمقبل.

ومع ذلك ليس من المتوقع أن يشكل ذلك مخاطر كبيرة على تلك الشركات نظرا لسجلها الجيد في إعادة التمويل، وعلاقاتها الجيدة مع البنوك.

ونظرا لتعليق التعريفات الجمركية ورغم حالة عدم اليقين، يتوقع خبراء وكالة التصنيف الدولية أن تتمكن العديد من الشركات الخليجية من الوصول إلى السوق خلال الفترة التالية لإعادة تمويل الاستحقاقات الوشيكة للديون والإنفاق الرأسمالي المتزايد.

وأشاروا إلى أن من بين تلك الشركات مجموعة إي آند الإماراتية للاتصالات والشركة السعودية للكهرباء والسعودية للصناعات الأساسية (سابك) وإكويت للبتروكيماويات الكويتية.

ولدى شركات الطاقة العملاقة في منطقة الخليج خطط كبيرة للإنفاق الرأسمالي، إذ تعتزم أرامكو المملوكة بنسبة 82 في المئة للحكومة السعودية إنفاق ما بين 52 و58 مليار دولار خلال العام الجاري، بينما أعلنت أدنوك للغاز الإماراتية أنها ستضخ استثمارات رأسمالية بنحو 15 مليار دولار حتى 2029.

وترى وكالة ستاندرد أند بورز أن شركات النفط الحكومية في منطقة الخليج في وضع جيد، ما يسمح لها بتجاوز تأثير انخفاض أسعار النفط بفضل قوة ميزانياتها العمومية، وانخفاض تكلفة الإنتاج، وتكامل عملياتها.

ومن الحتمل أن تخصص تلك الشركات ما بين 60 و80 في المئة من استثماراتها الرأسمالية في قطاعات الاستكشاف والإنتاج.

وعلاوة على ذلك، قد تتعرض شركات الخدمات النفطية التي عادة ما تعتمد على الاقتراض، لضغوط مرتبطة بالسيولة وإعادة التمويل، إذ من المحتمل أن تتراجع أنشطة ترسية العقود في ظل انخفاض أسعار النفط.

وبحسب الوكالة، من المتوقع أن تعزز معظم شركات البتروكيماويات المصنفة إنفاقها خلال الاثني عشر شهرا المقبلة مع الاستثمار في القدرات منخفضة انبعاثات الكربون، وللاستفادة من الطلب العالمي طويل الأمد على المنتجات.

ديناميكيات قطاع الأعمال عموما في المنطقة لا تزال مرتبطة في معظمها بسوق النفط وأيضا بالدعم الحكومي

وأشارت في تقريرها إلى أن شركات البتروكيماويات لن تتعرض لتأثير مالي مباشر جراء الرسوم الجمركية على المدى القريب، نظرا لتنوع قواعد أصولها الذي سيتيح لها إعادة توجيه الإنتاج إلى مناطق أخرى.

وقد يستفيد بعض منتجي البتروكيماويات الخليجيين في المدى القصير، حيث قد تحل منتجاتهم جزءا من صادرات البتروكيماويات الأميركية مثل البولي إيثيلين.

ولكن ستاندرد أند بورز حذرت من أن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي من شأنه أن يؤدي إلى تراجع الطلب على السلع الكيماوية والصناعية في المدى المتوسط إلى البعيد.

ومع تزايد نسبة التشبع في أسواقها المحلية الناضجة، تتطلع شركات الاتصالات الخليجية إلى الأسواق الخارجية لتنويع مصادر الإيرادات، إذ أعلنت شركات مثل إي آند الإماراتية والاتصالات السعودية خلال الفترة الماضية توسعات، خاصة في أوروبا.

وفي الوقت ذاته، تستثمر شركات الاتصالات الخليجية بشكل كبير في أنشطة غير أساسية مثل الأمن السيبراني والخدمات السحابية وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وغيرها، مما جعل الوكالة تتوقع أن يبقى إنفاقها الرأسمالي مرتفعا عند 14 إلى 16 في المئة من الإيرادات.

وأبدت الوكالة تفاؤلها بشأن القطاع العقاري في كل من سوقي السعودية ودولة الإمارات خلال العامين الجاري والمقبل، متوقعة طلبا قويا بفضل النمو السكاني والسياحي، وتغير أفضليات المستهلكين.

ولفتت إلى أن الاستثمارات الرأسمالية للشركات ستظل مرتفعة، لاسيما مع استمرار مطوري المراكز التجارية مثل الفطيم الإماراتية وسينومي سنترز السعودية في التوسع وتنويع المعروض.

ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي لدول الخليج الست بنسبة 4.4 في المئة خلال 2025 مقارنة مع واحد في المئة متوقعة للعام الماضي، في حين سيتوسع القطاع غير النفطي بواقع 4 في المئة مدفوعا بالاستهلاك الخاص والاستثمارات العامة.

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :lebanoneconomy.net
بتاريخ:2025-05-02 05:18:00
الكاتب:hanay shamout
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي



إقرأ المزيد