بتوقيت بيروت - 4/18/2025 2:46:57 AM - GMT (+2 )


تجد صناعة الأدوية العالمية نفسها كغيرها من القطاعات الحيوية في مرمى الرسوم الجمركية، ما يهدد استقرار سلاسل الإمداد ويزيد من التكاليف، ولذلك تسعى الشركات والحكومات إلى التكيف مع هذه التغيرات، لكن التحديات تبقى قائمة، خاصة بالنسبة إلى الأسواق التي تعتمد على التوريد.
يتوقع الخبراء أن تؤدي الرسوم الجمركية الأميركية على صناعة الأدوية إلى ارتفاع أسعار عدة أصناف، ولكن على المدى القريب من المرجح أن تتحمل الشركات التكاليف، بدلاً من المرضى الذين غالباً ما تحدد شركات التأمين الصحي أقساطهم.
وتعمل شركات التأمين الصحي، التي تدفع الجزء الأكبر من تكاليف الأدوية الموصوفة، كحلقة وصل بين شركات الأدوية والمرضى، حيث يخضع المستفيدون لمشاركة في الدفع وتأمين مشترك بناءً على الأسعار التي يتم التفاوض عليها.
وصرحت ميليسا باربر، زميلة ما بعد الدكتوراه في جامعة ييل وخبيرة في تسعير الأدوية، لرويترز بأن “الأدوية الحاصلة على براءات اختراع تُحدد عادةً بالسعر الذي تتحمله السوق، وبالتالي من المستبعد أن ترفع الشركات المصنعة أسعار هذه الأدوية بشكل كبير.”
وأعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين في ملف تنظيمي أنها فتحت تحقيقاً يتعلق بالأمن القومي في مجال الأدوية، لتوضيح سبب حاجة الولايات المتحدة إلى الرسوم الجمركية لتعزيز التصنيع المحلي.
ولا تزال الأسعار والتوقيت غير مؤكدين، لكن الصناعة تضغط من أجل فرض رسوم جمركية تدريجية. وقد تكون الضربة كبيرة.
وتم استيراد ما يقارب 213 مليار دولار من المنتجات الصيدلانية إلى الولايات المتحدة العام الماضي، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما تم استيراده في عام 2014 والذي بلغ 73 مليار دولار، وفقًا لقاعدة بيانات التجارة التابعة للأمم المتحدة.
وقدرت مجموعة أبحاث الأسهم بيرنشتاين سوسيتيه جنرال أن الرسوم قد تضيف 46 مليار دولار إلى تكاليف صناعة الأدوية، مقارنة بالإيرادات السنوية الحالية البالغة 700 مليار دولار للشركات الكبرى.
وبالفعل حفز التهديد بفرض رسوم على الاستيراد شركات الأدوية على تسريع شحناتها إلى الولايات المتحدة وإمدادات المستودعات، والتي يقول المحللون إنها ستحمي توقعاتهم المالية لعام 2025 وتخفف الضغط عن أي زيادات فورية في الأسعار.
وقالت روبن فيلدمان، الأستاذة في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، “قد يتم تحويل بعض تكاليف الرسوم إلى المرضى ودافعي الضرائب الذين يمولون برامج الرعاية الصحية، لكن الخطر الحقيقي يكمن في الأدوية الجنيسة ذات هامش الربح المنخفض.”
وتُشكّل الأدوية الجنيسة الأرخص، المسموح بها بعد انتهاء صلاحية براءات الاختراع للمنتجات ذات العلامات التجارية، والتي غالبا ما يتم تصنيعها في الهند والصين، أكثر من 90 في المئة من الوصفات الطبية في الولايات المتحدة، لكنها لا تُشكّل سوى 17 في المئة من الإنفاق.
وأعلنت جمعية الأدوية المُيسّرة، وهي عبار عن مجموعة تجارية تضم المصنعين، أن أعضاءها لن يتمكنوا من رفع الأسعار نظرًا لضآلة هوامش ربحهم.
وقدّر ديدريك ستاديج، المحلل في بنك آي.أن.جي، أن فرض تعريفة جمركية بنسبة 25 في المئة على الهند، على سبيل المثال، سيؤدي إلى زيادة بنسبة 17.5 في المئة على الأدوية الجنيسة المُنتجة في الهند.
وبحسب أحدث الدراسات سيبلغ حجم سوق الأدوية العالمية حوالي 1.77 تريليون دولار في عام 2025، ومن المتوقع أن يتخطى ثلاثة تريليونات دولار بحلول عام 2034، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 6.15 في المئة.
وتستحوذ منطقة أميركا الشمالية، وخاصة الولايات المتحدة، على الحصة الأكبر من السوق، إذ تمثل 38 في المئة من إجمالي الإيرادات. ويُعزى ذلك إلى التقدم في اكتشاف وتطوير الأدوية وزيادة انتشار الأمراض المزمنة وتوسع البنية التحتية للرعاية الصحية.
وأفاد بيل كويل، رئيس قسم الأدوية الحيوية في شركة زد.أس الاستشارية، بأن شركات الأدوية ستحاول تحمّل تكاليف التعريفات، ولكن نظرًا للتنافسية الشديدة في العديد من الفئات، فإن “التأثير الحقيقي في المصب” سيكون خفض التكاليف من قِبل الشركات.
وقال ديف ريكس الرئيس التنفيذي لشركة إيلي ليلي، في مقابلة حديثة مع بي.بي.سي، إن أسعار أدوية الشركة ثابتة بموجب اتفاقيات تجارية وحكومية، “لذلك علينا تحمّل كلفة التعريفات.”
وأضاف في تصريح لرويترز أن مثل هذه التكاليف المرتفعة ستؤدي “عادةً” إلى خفض عدد الموظفين أو أنشطة البحث والتطوير.
وتلتزم شركات الأدوية، بما في ذلك ليلي ونوفارتس وجونسون آند جونسون، فعلا بتوسيع نطاق عملياتها التصنيعية في الولايات المتحدة، مع إدراكها أن إكمال المشاريع الجديدة سيستغرق سنوات.
ونقلت شركات الأدوية في العقود الأخيرة طاقتها الإنتاجية خارج الولايات المتحدة، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي مثل أيرلندا.
ويعزى ذلك جزئيًا إلى انخفاض معدلات ضريبة الدخل على الملكية الفكرية لأدوية رائجة مثل حقنة ليلي لإنقاص الوزن “زيباوند” وعلاج السرطان المناعي “كيترودا” من شركة ميرك.
وفي الوقت نفسه أصبحت شركات الأدوية تعتمد على السوق الأميركية في معظم إيراداتها. ففي عام 2022 استحوذت الولايات المتحدة على نصف إيرادات الأدوية الموصوفة عالميًا، لكنها لم تتجاوز 13 في المئة من حجمها، وفقًا لمعهد إكفيا لعلوم البيانات البشرية.
وخلصت دراسة أجرتها مؤسسة راند لأسعار الأدوية الموصوفة لعام 2022 إلى أن خطط الرعاية الصحية الأميركية دفعت أكثر من ثلاثة أضعاف ثمن الأدوية ذات العلامات التجارية مقارنة بالدول الأخرى، حتى بعد التخفيضات المقدرة.
ووجدت مراجعة أجرتها رويترز أن أسعار برنامج الرعاية الصحية الأميركي (ميديكير) التي تفاوض عليها مؤخرًا لأغلى 10 أدوية لا تزال أكثر من ضعف، وفي بعض الحالات خمسة أضعاف، ما وافقت عليه شركات الأدوية في دول أخرى مرتفعة الدخل.
وأفادت مصادر بأن الرسوم قد تكون جزءًا من تركيز أوسع نطاقًا من الإدارة على تضييق الفجوة بين أسعار الأدوية الأميركية وأسعارها في الدول الأجنبية.
وقال ويليام بادولا، أستاذ اقتصاديات الأدوية والصحة في جامعة جنوب كاليفورنيا، إن “التهديد بالرسوم هو الذي قد يدفع مصنعي الأدوية والدافعين إلى طاولة المفاوضات عاجلاً وليس آجلاً للحديث عن السعر.”
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :lebanoneconomy.net
بتاريخ:2025-04-17 05:49:00
الكاتب:hanay shamout
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
إقرأ المزيد