لبنانون فايلز - 9/19/2025 5:47:11 AM - GMT (+2 )

ماذا لو اندلعت المواجهة العسكريّة بين تركيا وإسرائيل؟ هل تكون حرباً موسّعة أم ضربات محدودة؟ من سيتدخّل من اللاعبين الدوليّين؟ ما هو تأثير الأطراف الإقليميّة والدوليّة على مسار هذا التصعيد المحتمل؟
ستراعي أنقرة في عمليّات الردّ العسكري العديد من المسائل السياسيّة والأمنيّة، بينها:
– ترك الباب مفتوحاً أمام دخول العواصم الغربية على خطّ التهدئة.
– وجودها في حلف شمال الأطلسي كقوّة مؤثّرة، وبالتالي لا يمكن لها الابتعاد كثيراً عن الحلف وسياساته، خاصّة تجاه دولة تُعتبر حليفاً للغرب.
– تفعيل الضربات المركّزة في تحقيق الردع من دون إثارة ردّ فعل سياسيّ غربيّ واسع ضدّها.
– مواجهة تركيا لتل أبيب من خلال قدراتها الاستخباريّة وتنفيذ عمليّات عسكريّة دقيقة وموجعة تسهّل الحسم، بدل المخاطرة في دخول حرب استنزاف تتعارض مع حساباتها ومصالحها في الإقليم.
في هذا السياق، يُتوقّع أن تأخذ أنقرة بعين الاعتبار ما يُعرف في الأدبيّات الاستراتيجيّة بـ”فخّ فينوس”، وهو تحذير من الانجرار إلى مواجهة عسكريّة تبدو مغرية من حيث فرص الردع، لكنّها قد تتحوّل إلى استنزاف استراتيجيّ يخدم مصالح الخصوم. نجحت تركيا في توظيف هذه الاستراتيجية لتفادي أكثر من مواجهة عسكريّة مباشرة مع روسيا واليونان وإيران.
لذا سيكون الاستعداد لتجنّب هذا الفخّ عاملاً حاسماً في ضبط وتيرة التدخّل العسكري التركيّ ضمن معادلة دقيقة بين الردع والتصعيد.
القدرات العسكريّة ستحدّد مسار المواجهة
تلعب قدرات إسرائيل العسكريّة دوراً مهمّاً في تحديد مسار المواجهة ومدّتها، فهي تملك طاقات جوّية متقدّمة، ومنظومات دفاع جوّي عالية الدقّة، وإمكانات استخباريّة متطوّرة، وعدداً كبيراً من المسيّرات. لكنّ من يراهن على ذلك، عليه أن لا ينسى حجم القوّة العسكرية التركية، وقدراتها المتنامية بعد تحديث أسطول مسيّراتها ومقاتلاتها محليّاً، وتطوير منظومات صواريخ بعيدة المدى، مع خبرة ميدانية واسعة حقّقتها في سوريا والعراق.
لن يقرّر هذا التفاوت في القدرات وحده مصير المواجهة، لكنّه سيؤثّر على توقيتها وطبيعتها ومدى عمقها وتشعّباتها. لن تسمح تركيا لتل أبيب بالمراهنة على جرّ شركاء غربيّين إلى مواجهتها. العكس هو الصحيح.
ليست مستبعدةً مسألة التحاق أطراف محلّية وإقليمية بساحة العمليّات العسكرية، إذ هناك أكثر من لاعب يريد تصفية الحسابات مع تل أبيب. وهناك شركاء وحلفاء يدينون لتركيا بمواقفها، خصوصاً من العرب والمسلمين، ممّن لا يريدون تفويت فرصة كهذه لسحب ورقة غزّة من يد إسرائيل، ودفعها نحو القبول بتسوية سياسيّة.
الأسئلة المحوريّة في هذا السياق هي: هل تبرز الولايات المتّحدة لاعباً أساسيّاً في ضبط التصعيد أم في توسيع رقعته؟ هل تقف مع إسرائيل كما فعلت في مواجهتها مع إيران أم تسعى إلى إنهاء التصعيد بين أنقرة وتل أبيب بأسرع وقت؟
عُقدت قمّة عربيّة – إسلاميّة – خليجيّة في الدوحة تضامناً مع قطر في مواجهة العدوان الإسرائيلي الأخير على أراضيها. وفي اليوم نفسه، أكّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو من تل أبيب، بحضور بنيامين نتنياهو، “التحالف الاستراتيجيّ” بين البلدين. على من تقرأ مزاميرك يا روبيو؟
الردع، التأديب، التحذير وإقناع تل أبيب بعدم تكرار المحاولة أو اختبار القدرات التركيّة ستكون بين أهداف أيّ خطوة تصعيد عسكريّ مباشر مع إسرائيل. ومع ذلك تراوح السيناريوهات بين مواجهة محدودة تحمل رسائل ردع سياسيّ وعسكريّ لإسرائيل، وبين حرب طويلة قد تُحدث تغييرات كبيرة في معادلات القوى الإقليميّة.
قرار أميركيّ أم إسرائيليّ؟
هل يكون القرار إسرائيليّاً أكثر منه أميركيّاً تماماً كما حدث على الجبهات اللبنانيّة والسوريّة والإيرانيّة أم تتحرّك واشنطن للجم نتنياهو في الإقليم؟
سيعتمد وقف التصعيد، في حال اندلاع المواجهة، على دور محوريّ لقوى دوليّة كبرى، في مقدَّمها الولايات المتّحدة والاتّحاد الأوروبي، وربّما روسيا والصين، التي قد تجد نفسها مضطرّة إلى الضغط باتّجاه تهدئة إقليميّة خشية انزلاق المنطقة إلى نزاع أوسع يهدّد الاستقرار العالميّ ومصالحها الاستراتيجيّة.
في حال تجاوزت الأحداث حدود الردود المحدودة، فقد تتحوّل المواجهة إلى حرب إقليميّة تشمل أطرافاً عديدة. وستُحدّد نتائجها مسار العلاقات التركيّة – الإسرائيليّة حتماً، لكنّها سترسم أيضاً مستقبل التوازنات في الشرق الأوسط على المديَين المتوسّط والبعيد. هل يتخلّى الغرب عن مصالحه ونفوذه من أجل إعادة تقاسم النفوذ الإقليميّ من دون أن يكون أمام طاولة الحرب والسلم؟
تسعى تركيا بين فرضيّة الحرب واحتمالات الردع إلى إعادة رسم علاقتها بإسرائيل وتثبيت معادلتها الإقليميّة الجديدة. لكنّها ستختبر، في الوقت نفسه، مدى جدّيّة واشنطن في فتح الطريق نحو سلم إقليميّ حقيقيّ لا تزال السياسات والممارسات الإسرائيلية تُعيقه حتّى الآن.
سمير صالحة - اساس ميديا
The post المواجهة التّركيّة-الإسرائيليّة: أقلّ من حرب وأكثر من اشتباك appeared first on أخبار الساعة من لبنان والعالم بشكل مباشر | Lebanonfiles | ليبانون فايلز.
إقرأ المزيد