شكوك في دور لـ”إسرائيل” بتسخين الجبهة اللبنانيّة – السوريّة
إرتكاز نيوز -

كتبت لينا فخر الدين في الأخبار: 

منذ أن تسلّم أحمد الشرع وفريقه مقاليد الحُكم في سوريا، والقلق يتزايد من احتمال اندلاع معارك على الحدود الشرقية للبنان، في ظلّ عدم قدرة البلدين على ضبط الحدود المشتركة ومكافحة التهريب، ووجود عدد كبير من الخارجين عن سلطة الدولتين في مناطق حدوديّة.

وزاد القلق بعد فشل حكومة الشرع في إخضاع عدد من المجموعات المسلّحة التي نشطت في المناطق الحدودية وقامت بأعمال قتل وتهجير لعشرات الآلاف من أبناء المنطقة.

لكنّ هذه الخلفية، ليست وحدها مصدر القلق، إذ إنه وعلى وقع ارتفاع موجة الضغط لنزع سلاح المقاومة، كثر الحديث عن احتمال حصول معارك على الحدود الشماليّة – الشرقيّة للبنان، وترافق ذلك مع نشر معلومات عن توتّر واستنفار أمنيّ متبادل، إضافةً إلى تحشيد عسكريّ سوريّ وتحركات ميدانيّة لها قرب المعابر غير الشرعيّة، وتسجيل اشتباكات متفرّقة مع مجموعات تهريب مسلّحة، قابله أيضاً استنفار للجيش اللبناني.

ما هو دور إسرائيل؟

وما زاد الطين بلّة هو ما سرّبه الإعلام العبري عن مطالبة السلطة السوريّة بضم طرابلس إليها. والمدينة تعدّ في عيون بعض القوى الأمنيّة، بيئة يُمكن أن تتأثّر بـ«المدّ السنيّ المتشدّد»، خصوصاً بعد أن وصل الشرع إلى سدّة الحكم، كما يُنظر إليها على أنها «أرض خصبة يُمكن لبعض المجموعات المتشدّدة أن تستغلّها وتنشط في أحيائها».

ما دفع بالأجهزة الأمنية إلى تشديد أعمال المراقبة في المدينة وجوارها. وتقول مصادر أمنية رسمية إنها «عملت في الأشهر الماضية، على التعامل فوراً مع أيّ مُعطى أو مؤشّر كاحتمال يتمّ تتبّعه»، وأعربت عن تخوّفها من إمكانيّة «تنشيط المجموعات الإرهابيّة لخلايا نائمة موجودة ضمن الساحة اللبنانيّة أو تسلّل خلايا من الخارج بهدف إحداث زعزعة أمنيّة وارتكاب أعمال إرهابيّة طائفيّة».

ومع ذلك، تؤكّد الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة أنّ «لا مؤشّرات جدّية». وتقول «إنّ السّاحة الداخليّة ما تزال حتّى اليوم بمأمنٍ عن مخطّطات إرهابيّة رغم إلقاء القبض على بعض الأشخاص المرتبطين بتنظيم «داعش»، من دون أن يكون لذلك دلالةً على خطر حقيقي». وعلمت «الأخبار» أنّ وزير الدّفاع ميشال منسّى سيقوم مع عددٍ من الوزراء المعنيين وقادة الأجهزة الأمنيّة بجولةٍ ميدانيّة على المناطق الحدوديّة وتفقّد بعض المعابر الشرعيّة الخميس المقبل، من أجل التأكّد من الوضع الأمني وطمأنة أهالي المناطق المحيطة.

تأتي هذه الجولة بعدما رفعت الأجهزة الأمنية في الأيام الماضية تقارير بناءً على جولات بريّة وجويّة قام بها الجيش، تطابقت مع معلومات من مصادر بشرية لعددٍ من الأجهزة بأنّ لا تحشيد على الجانب السوري كما يتردّد. وباستثناء ما حصل السبت الماضي حينما تعرّضت دوريّة تابعة للجيش اللبناني لإطلاق نار، لم يحصل أيّ خلل على الحدود. وقد أصدر الجيش اللبناني في حينه بياناً أوضح فيه أنّ أسباب إطلاق النار كانت أثناء «قيام الدوريّة بضبط عمليّة في جرود الهرمل»، لافتاً إلى أنّه «تجري متابعة الموضوع بالتنسيق مع الأجهزة الأمنيّة المختصّة والجهات المعنيّة لمنع أيّ تصعيد أو تكرار لمحاولات التسلّل».

وتقول مصادر أمنيّة متابعة إنّ ما حصل ليس جديداً، ولكن لا يمكن ربطه بما يُتداول عن تحشيد عسكريّ سوريّ، لافتةً إلى أنّ هذه المعلومات حظيت بكثير من المتابعة التقنيّة لمعرفة كيفيّة صدورها وانتشارها، ليتبيّن أنّ مصدرها أتى عبر حسابات وهميّة على مواقع التواصل الاجتماعيّ، تقصّدت أن تحمل أسماء وألقاباً توحي بأنّها من الداخل السوري مع استخدامها VPN أجنبيّ من أكثر من بلد، مقابل حسابات وهميّة أُخرى تحمل أسماء توحي بأنّها من الهرمل، ليتصادم الطّرفان بخطابات طائفيّة من خلف الشاشات وتهديد بتحشيد عسكريّ تمهيداً للدخول العسكريّ إلى لبنان، قبل أن تنسحب هذه الحسابات الوهميّة من المشادات الكلاميّة وتقفل صفحاتها، ليكمل بعض السوريين وأبناء المنطقة التراشق الكلاميّ.

وإذا كانت الأجهزة الأمنيّة لم تتمكّن من تتبّع أصحاب هذه الحسابات الوهميّة، فإنّها تجزم أنّ العدوّ الصهيونيّ يقف خلف هذه الشائعات من أجل إشعال فتيل المعركة بين الدولتين، خصوصاً أنّ هذا الأسلوب الأمنيّ عادةً ما يعتمده العدو، واستُتبع بعد أيّام بما نشره الإعلام العبري عن المُطالبة بضم طرابلس إلى سوريا.

وبالتالي، تؤكّد المصادر الأمنيّة أنّ الحدود هادئة إلّا من الشائعات الإسرائيليّة، متحدّثةً عن علاقة جيّدة تجمع الأمن العام اللبناني بالأمن السوري وزيارات يقوم بها العناصر دوريّاً إلى معبر جديدة يابوس.

كما كثّف الجانبان من تنسيقهما من أجل ضبط الحدود ومكافحة التهريب على الجهتين، إذ إنّ وفداً أمنيّاً لبنانياً مؤلّفاً من عددٍ من الضبّاط، وعلى رأسهم مسؤول الارتباط في الجيش العميد ميشال بطرس ورئيس الدائرة الأمنيّة في الأمن العام العميد هادي أبو شقرا، يلتقون دوريّاً بضبّاط سوريين ضمن غرفة أمنيّة مشتركة بين البلدين.

علماً أنّ هذا الوفد كان قد التقى قبل نحو شهرين رئيس هيئة الأركان في الجيش السوري اللواء علي النعسان بغية «تعزيز التنسيق العسكريّ وتطوير آليّات العمل المشترك بين البلدين»، وفقاً لما أوردت وزارة الدّفاع السوريّة.

وأتى هذا الاجتماع في إطار مقرّرات اتفاق جدّة الذي جرى في بداية نيسان الماضي، وحضرته وفود أمنيّة لبنانيّة وسوريّة وسعوديّة وعربيّة، للاتفاق حول آليّات ضبط الحدود ومنع تسلّل المجموعات المسلّحة. وتشير المعطيات إلى وجود نيّة لدى السلطات اللبنانيّة بالمطالبة بتنشيط الاجتماعات ضمن اجتماعات جدّة من أجل رفع مستويات التنسيق الأمنيّ بين البلدين تجنّباً لأيّ تصعيد.



إقرأ المزيد