بيروت تايم - 7/10/2025 3:16:59 PM - GMT (+2 )


موقع الدفاع العربي – 10 يوليو 2025: كشفت روسيا رسميًا، في 15 مايو 2025، عن الطائرة “سو-57إم” (Su-57M)، النسخة المطورة من مقاتلتها الشبحية من الجيل الخامس، وذلك في خطوة تُعدّ قفزة نوعية في قدراتها الجوية القتالية. تمثل “سو-57إم” تطورًا محسّنًا للطائرة الأصلية “سو-57″، التي انبثقت عن برنامج الطيران القتالي المستقبلي المعروف باسم PAK-FA، والذي أُطلق عام 1999 بهدف استبدال المقاتلتين “ميغ-29″ و”سو-27” في سلاح الجو الروسي. وقد صُممت الطائرة لتجسيد متطلبات القتال الحديثة من حيث الشبحية والسرعة والإلكترونيات المتقدمة.
وطُوّرت الطائرة على يد شركة الطائرات المتحدة الروسية (UAC) ومكتب “سوخوي” للتصميم، حيث أُدخلت تحسينات شاملة تهدف إلى تعزيز الهيمنة الجوية الروسية وسط تصاعد التوترات العالمية. من أبرز هذه التحسينات تصميم هيكلي جديد أكثر انسيابية من النموذج الأصلي، إذ يبلغ طول الطائرة نحو 14.8 مترًا، وعرض جناحيها 9.8 مترًا، وارتفاعها 4.6 مترًا. ويعتمد هيكلها على مواد مركبة مثل الألياف الزجاجية البوليمرية والألمنيوم المصفّح بهندسة خلايا النحل، ما يُسهم في تقليل البصمة الرادارية، وزيادة القدرة على المناورة، والحفاظ على خفة الوزن مع المتانة.
وتُقدّر البصمة الرادارية للطائرة من الجهة الأمامية بحوالي 0.1 متر مربع فقط، ما يجعل رصدها بواسطة الرادارات المعادية بالغ الصعوبة. ومن أبرز التحسينات في الطائرة نظام الدفع الجديد، حيث زوّدت بمحرك “إيزديليي-30” (AL-51F1) من إنتاج شركة “ساتورن”، ويوفّر قوة دفع جافة تصل إلى 11 طنًا، وما يصل إلى 17 طنًا باستخدام الحارق اللاحق. ويمثل هذا المحرك تحسنًا بنسبة 15٪ في كفاءة استهلاك الوقود، و20٪ في نسبة الدفع إلى الوزن مقارنة بسابقه “AL-41F1”. وتبلغ السرعة القصوى للطائرة نحو 2 ماخ، ويصل نصف قطرها القتالي إلى 3,500 كيلومتر في الطيران دون سرعة الصوت. كما تختبر روسيا استخدام فوهات عادم مسطّحة لتقليل البصمة الحرارية من دون تعديلات هيكلية كبيرة.
إحدى أبرز سمات “سو-57إم” هي دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في أنظمة الطائرة. وبحسب الطيار التجريبي الروسي سيرغي بوغدان، فإن نظام الذكاء الاصطناعي في الطائرة قادر على إجراء فحص شامل لأنظمتها قبل الإقلاع بضغطة زر وفي غضون ثوانٍ. وخلال المعارك، يساعد الذكاء الاصطناعي في الملاحة وتحديد الأهداف وتحليل الأنظمة، بل وحتى في دعم اتخاذ القرار، مما يخفف من العبء على الطيار في بيئات القتال عالية الضغط.
وتزود الطائرة برادار “NO36- Byelka” العامل بنظام AESA، والمثبت في مقدمة الطائرة، بالإضافة إلى رادارين جانبيين على البدن لتوفير تغطية شاملة بزاوية 360 درجة. ويمكن لهذا النظام تتبع 60 هدفًا في آن واحد، والتعامل مع ثمانية أهداف في الوقت نفسه، وبمدى كشف يصل إلى 400 كيلومتر. كما تتيح معالجة الإشارات الرادارية المتقدمة للطائرة العمل في الوضع النشط مع صعوبة رصدها من قبل الحساسات المعادية.
الأسلحة وأنظمة الحرب الإلكترونيةتحمل “سو-57إم” جميع أسلحتها الرئيسة داخل بدن الطائرة للحفاظ على قدرات الشبحية، إذ تحتوي على حجرتي أسلحة رئيسيتين يبلغ طول كل منهما 4.4 متر، بالإضافة إلى حجرتين جانبيتين أصغر حجمًا. وتشمل ترسانتها صواريخ “R-77M” جو-جو بعيدة المدى بمدى يصل إلى 200 كيلومتر، وصواريخ “R-74M” جو-جو قصيرة المدى موجهة بالأشعة تحت الحمراء، وصواريخ “K-38” جو-أرض، إلى جانب قنابل موجهة بدقة مثل “KAB-250″ و”KAB-500”. وعندما لا تكون الشبحية أولوية، يمكن للطائرة حمل ما يصل إلى 7,400 كغ من الذخائر على نقاط تعليق خارجية.
ومن حيث الدفاع الإلكتروني، تتمتع الطائرة بمنظومة الحرب الإلكترونية L402 “Himalayas”، التي تضم مستشعرات إنذار راداري، ونظام تحذير من اقتراب الصواريخ، ومرسلات تشويش نشطة، مما يمنح الطائرة قدرة كبيرة على كشف وتفادي وتعطيل التهديدات الصاروخية. كذلك، يتيح نظام البحث والتعقب بالأشعة تحت الحمراء “101KS” للطائرة كشف الطائرات المعادية حتى مسافة 100 كيلومتر دون إصدار أي إشعاعات.
جرى أول اختبار للنموذج الأصلي “سو-57” في سوريا عام 2018، ويُعتقد أنه شارك في العمليات الروسية بأوكرانيا، حيث عمل في الغالب من داخل المجال الجوي الروسي لتقليل مخاطر التعرض للاصطياد أو الهندسة العكسية. وبفضل قدراتها المحسنة في الشبحية والتحليق الأسرع من الصوت، ودمج الذكاء الاصطناعي، والمدى القتالي البعيد، صُمّمت “سو-57إم” لتكون متفوقة في القتال القريب والمهمات العميقة خلف خطوط العدو. كما أن مداها البعيد يجعلها مناسبة للعمليات في مناطق نائية مثل القطب الشمالي وآسيا الوسطى، حيث تعزز روسيا وجودها العسكري.
ومع ذلك، يواجه البرنامج تحديات كبيرة، إذ إن العقوبات الغربية حدّت من قدرة روسيا على الوصول إلى مكونات إلكترونية متقدمة، ما أدى إلى بطء في وتيرة التطوير والإنتاج. وتحاول موسكو الآن توطين صناعة هذه المكونات، وهي مهمة تواجه صعوبات تقنية ولوجستية كبيرة.
مقارنة مع المقاتلات الغربيةعند مقارنتها بمقاتلات الجيل الخامس الغربية مثل “إف-22 رابتور” و”إف-35 لايتنينغ II”، تسعى “سو-57إم” إلى إيجاد توازن بين الشبحية والرشاقة وحمولة الأسلحة. ففي حين تتميز “إف-22” ببصمة رادارية صغيرة جدًا لا تتجاوز 0.001 متر مربع وقدرة فائقة على المناورة، فإنها توقفت عن الإنتاج منذ عام 2011 ولم يُصنع منها سوى 187 وحدة فقط. أما “إف-35″، فتمتاز بتفوقها في حروب الشبكات والهجمات الدقيقة، وهي منتشرة بأعداد ضخمة حول العالم.
وبينما تحاول “سو-57إم” أن تجمع بين أفضل ميزات المقاتلتين الغربيتين، إلا أنها لا تزال متأخرة من حيث الإنتاج التسلسلي، والطلب التصديري، والتكامل الكامل في أنظمة الحرب الإلكترونية المتقدمة.
مصدر الخبر نشر الخبر اول مرة على موقع :www.defense-arabic.com بتاريخ:2025-07-10 15:17:00
إقرأ المزيد