ليبانون نيوز أونلاين - 6/21/2025 6:48:23 AM - GMT (+2 )

بالرغم من الغموض المصاحب للإعلان الرسمي عن ربط النظام المصرفي السوري بنظام “سويفت”، إلا أن هذا الإجراء يشكل علامة فارقة سواء على الصعيد المالي، لكنها قد لا تكون بنفس التأثير على مستوى التأثير السياسي، برغم رمزيتها التي تتجاوز الحسابات البنكية التقنية وتتعداها إلى بداية انفتاح اقتصادي، قد لا تحدث تبدلاً جوهرياً آنياً لكنها تعكس رغبة دولية في عودة الاستقرار إلى البلاد.
والخميس الماضي، قال حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، إن سوريا نفذت هذا الأسبوع أول تحويل مصرفي دولي مباشر عبر نظام “سويفت” للمدفوعات الدولية/ منذ اندلاع الحرب الأهلية التي استمرت 14 عاماً.
غموض
وفور إعلان المركزي عن أول تحويل مع “سويفت”، تباينت قراءات الخبراء حول التصريح، خصوصاً في ظل عدم امتلاك المصرف المركزي والمصارف السورية الخاصة، حسابات مع مراسلين خارج البلاد، وهو إجراء ضروري للتفعيل الكامل مع النظام العالمي.
وتعليقاً، يعتبر الباحث ومدير منصة “اقتصادي” يونس الكريم، أن تصريح المركزي يشوبه نوع من الغموض لأنه لم يفصح عن اسم البنك أو آليات التحويل. ويرجح في حديث لـ”المدن”، أن “آلية التحويل المصرح عنها جرت على الأغلب عن طريق بنك ضامن قطري أو أردني”، لافتاً إلى أن عودة “السويفت” تأتي حالياً “ضمن سياق التحويلات المالية المتعلقة بالعمليات الإنسانية”، مشيراً إلى أن الأيام المقبلة ستكشف تفاصيل أكثر حول هذا الملف الشائك والمعقد.
بينما يرى السياسي ورجل الأعمال السوري المقيم في الولايات المتحدة، أيمن عبد النور، أن تصريح حاكم المركزي “دقيق، لأن المسألة عالمية وحساسة وفيها طرف أجنبي مقابل”، معتبراً في حديث لـ”المدن”، أن التأثيرات المترتبة عن هذه الخطوة الكبيرة إيجابية وجيدة جداً، كونها تمكّن المستثمرين من تحويل الأموال بسهولة كبيرة.
لكن وبالرغم من أهمية الإجراء، يلفت عبد النور إلى وجود تحديات تواجه تفعيل “السويفت” بشكل كامل، مثل بناء الثقة مع المصارف الدولية لجذبها للتعامل مع المصارف السورية، فضلاً عن توفر البنية التحتية اللازمة للتشغيل.
تحديات ثقيلة
ومن مجمل حديث الخبراء والتصريحات الرسمية، يبدو أنه تم الربط فعلياً مع شبكة “سويفت” من الناحية التقنية، وهذا يعني أن سوريا دخلت فعلاً، وإن بشكل أولي ومحدود، في مسار إعادة الاتصال بالنظام المالي العالمي بعد قطيعة طويلة استمرت أكثر من 14 عاماً.
ويوضح الكاتب والأكاديمي مالك الحافظ، أن هذا المسار رغم نجاح بداياته، محفوف بتحديات ثقيلة ومتعددة الأوجه، فالعقوبات لا تزال تشكّل عقبة بنيوية أمام أي اندماج واسع أو مستدام، كما أن الكتلة القانونية والتنظيمية التي تفصل سوريا عن التعاملات المالية الطبيعية، لا تزال قائمة.
ويضيف لـ”المدن”، أن “هذا الواقع يُضعف إمكانيات توسيع نطاق الربط مع سويفت في الوقت الحالي، ما لم تُستكمل هذه الخطوة بمسار تفاوضي متعدد الأطراف، يراعي الاعتبارات السياسية، القانونية والتقنية معاً”.
بينما تواجه الخطوة تحديات كبيرة تتمثل في تآكل البنية التحتية المصرفية السورية، سواء على مستوى الكوادر البشرية أو المنظومات الأمنية أو أدوات الحوكمة، بحسب الحافظ، في حين يتطلب الربط مع “سويفت” إضافة إلى الموافقات الخارجية مستويات عالية من الشفافية الداخلية وأنظمة دقيقة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإعادة هيكلة جذرية لآليات الرقابة المصرفية.
ماذا عن الآثار السياسية؟
فيما يوضح الحافظ أنه لا يمكن النظر إلى هذه الخطوة كـ”دليل حاسم ومتكامل على اعتراف دولي بالحكومة السورية القائمة، لكنها في الوقت ذاته ليست محايدة أو خالية من الدلالات الرمزية”. ويلفت إلى أنها تعني من حيث المبدأ كسر جزء من العزلة السياسية التي فُرضت على سوريا، مؤكداً أن “هذا يضع سوريا الآن على حافة تماس جديدة مع المجتمع الدولي، من أبواب الاقتصاد والسياسة”.
ويتابع أن الربط مع “سويفت” قد لا يترجم سريعاً إلى تغيّر جوهري في التموضع الدولي لسوريا، لكنه يعكس رغبة دولية وإقليمية في اختبار إمكانية إعادة دمج الاقتصاد السوري بشكل مضبوط ومنظم، ربما لغايات تتصل بدعم الاستقرار، أو لتوفير قنوات شرعية للمعاملات التجارية والمالية.
إقرأ المزيد