الجيش الإسرائيلي ترك لحماس مواد متفجرة بعشرات ملايين الدولارات
بيروت تايم -

هآرتس/ ذي ماركر 6/5/2025، حجاي عميت: الجيش الإسرائيلي ترك لحماس مواد متفجرة بعشرات ملايين الدولارات

الفيلم الذي نشر في قناة “الجزيرة” في 8 كانون الثاني تصعب مشاهدته. الفيلم تظهر فيه دبابة إسرائيلية تسافر ببطء في بيت حانون في شمال قطاع غزة، حيث يتم تشغيل عبوة ناسفة شديدة الانفجار بها. في الطريق التي سارت فيها مرت قبلها جرافة “دي 9” في محاولة لكشف الألغام، لكن العمق الذي تم دفن العبوة فيه أدى الى الفشل في اكتشافها. نتيجة انفجار العبوة ملأ الدخان الشاشة لدقائق طويلة. وعندما تلاشى الغبار شاهدنا الدبابة مقلوبة والجنود الإسرائيليين يحيطون بها في محاولة لإنقاذ الجنود الذين كانوا فيها. قوة الانفجار أدت الى انفصال برميل الدبابة والبرج من مكانهما. الكاميرا التي وضعتها حماس لمعرفة وقت تفجير القنبلة استمرت في تصوير العملية طوال الوقت لغرض الدعاية. 

مدماك آخر من المأساة تبين في التحقيق الذي اجري بعد الانفجار. التحقيق اظهر أن العبوة تم اعدادها من مواد متفجرة مصدرها بقايا قنابل لم تنفجر للجيش الإسرائيلي. أي قذائف سلاح الجو الإسرائيلي التي لم تنفجر.

هذا لم يكن الحادث الأول والأخير لاستخدام حماس للقنابل التي لم تنفجر. عدد القنابل التي لم تنفجر في القطاع نتيجة هجمات سلاح الجو في السنة والنصف الأخيرة، كبير. حتى نهاية 2024 فان عدد هجمات الجيش الإسرائيلي الجوية في القطاع هي اكثر من 40 ألف هجوم. مركز الألغام التابع للأمم المتحدة قدر أن 5 – 10 في المئة منها لم تنفجر.

“ذي ماركر” علمت أنه حتى بداية 2025 عرفوا في سلاح الجو عن حوالي 3 آلاف قذيفة على الأقل لم تنفجر، وبقيت في اعقاب هذه الهجمات. تكلفة كل قنبلة منها 20 – 30 ألف دولار، والمعنى هو أن استغلال القنابل التي لم تنفجر للجيش الإسرائيلي من قبل حماس لغرض انتاج العبوات ليس موضوع بسيط.

عمليا، يمكن وصف هذه القنابل التي لم تنفجر بأنها مسار بواسطته نقلت دولة إسرائيل بغير ارادتها لحماس آلاف الاطنان من المواد المتفجرة التي تبلغ قيمتها عشرات ملايين الدولارات خلال السنة والنصف الأخيرة. مع الاخذ في الحسبان الضائقة في الوسائل القتالية التي تعاني منها حماس، فان هذه مواد خام تمكنها من انتاج العبوات.

هذا يحدث في الفترة التي فيها استخدام هذه العبوة تحول الى مصدر رئيسي في الصراع مع حماس، الذي يجبي حياة جنود الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة – ويتوقع أن يجبي ثمنا باهظا اكثر على خلفية الخطة التي تمت المصادقة عليها في الكابنت، توسيع العملية في القطاع.

مشكلة فنية

السبب في آلاف القنابل التي لم تنفجر في عمليات القصف الإسرائيلية في قطاع غزة في السنة والنصف الأخيرة هو اقتصاد التسلح لدولة إسرائيل. الأغلبية الساحقة من الحالات كان مصدر الفشل في القذائف لسلاح الجو، التي لم تنفجر، هو مشكلة فنية. عشرات آلاف الهجمات في القطاع أدت الى ان احتياطي الصواعق (الأجهزة التي تشغل المواد المتفجرة) لدى الجيش تضاءلت. من يبحث عن تعبير لذلك فانه سيجده في ارتفاع 2000 في المئة، الذي سجلته اسهم الشركة المنتجة للصواعق الإسرائيلية “أريت”.

بسبب الاحتياط الجزئي فان الجيش بدأ في استخدام صواعق قديمة، جمعها من مصادر مختلفة أو حصل عليها من الأمريكيين، بعضها عمره عشرات السنين. النتيجة هي أن  نسبة القذائف التي لم تنفجر، 2 في المئة، من اجمالي القنابل التي تم القاءها، النسبة قفزت الى 20 في المئة في جزء من القذائف التي استخدمها سلاح الجو في القطاع.

استخدام حماس للقنابل التي لم تنفجر لا يعتبر أمر معقد، في بعض الحالات يقومون بقطع القنبلة وإخراج المواد المتفجرة منها ونقلها الى صندوق معدني كبير من اجل استخدامها كعبوة. وفي حالات أخرى ياخذون القنبلة كما هي ويربطونها بسلك تفجير. والقتلى من “حوادث العمل”، حماس مستعدة لتحمل ذلك. 

اطلق وانس

النسبة المرتفعة للقذائف التي لم تنفجر تطرح عدة أسئلة: هل الجيش الإسرائيلي نفذ متابعة دقيقة للقنابل التي لم تنفجر؟ اذا كان الامر حدث فلماذا لم يتم توفير لمستوى القيادة في الميدان خرائط استخبارية عليها النقاط التي يمكن أن تكون فيها قنابل لم تنفجر، كي يتم تشخيص خلايا حماس التي تتجول حولها في محاولة لـ “إعادة تدويرها”؟.

أسئلة أخرى مثل لماذا عندما شخص سلاح الجو بأن القنبلة التي القيت لم تنفجر، لم يتم اتخاذ قرار بقصف نفس الهدف مرة أخرى بقنبلة دقيقة؟ حتى عندما تبين أن الأسلحة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي سيئة الجودة، الامر الذي يؤدي الى ارتفاع عدد القنابل التي لا تنفجر، هل جرى اختيار انتقائي للاهداف؟.

في حالات كثيرة عمليات قصف سلاح الجو انقذت حياة الجنود. ولكن مثلما صاغ ذلك ضابط حارب في القتال في عدة جولات في السنة والنصف الأخيرة، “ليس كل قصف للجيش الإسرائيلي يستهدف قتل قائد كتيبة في الشجاعية. أحيانا قائد كتيبة إسرائيلي أو قائد لواء يقرر أن مبنى معين في القطاع، الذي لا يعيش فيه أي أحد، هو مرتفع جدا حسب رأيه، وطلب تدميره. 

الوضع الذي وصلنا اليه والذي فيه توجد عشرات الاطنان من المواد المتفجرة في القطاع، التي تنتظر حماس، هو وضع غير طبيعي.

هذه المرة المشكلة ليست في الطرف الثاني

بصورة تقليدية فان القذائف التي لا تنفجر هي “مشكلة الطرف الثاني” في الحرب. السوريون غير قلقين من الألغام التي بقيت في هضبة الجولان لمدة خمسين سنة بعد حرب يوم الغفران. الأردنيون لا ينزعجون من أنه حتى الآن، على بعد بضعة مئات الأمتار عن الشارع رقم 1، يقوم الإسرائيليون بالتنزه قرب المناطق التي بقيت فيها الغام منذ 1967. بنفس الدرجة الجيش الإسرائيلي لا يقلق من أن سكان غزة سيواصلون العيش قرب المناطق التي توجد فيها قنابل لم تنفجر لسنوات بعد انتهاء الحرب الحالية.

لكن في الوضع الحالي الذي فيه جنود الجيش الإسرائيلي يواصلون التمرغ في وحل غزة بعد سنة ونصف على بداية الحرب فان هذه القذائف التي لم تنفجر هي مشكلة للاسرائيليين. لذلك، من المهم الإجابة على هذه الأسئلة. 

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-05-06 15:10:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي



إقرأ المزيد