التعيينات الأمنية رهن الامتحان
آيم-لبنانون -

كتب أنطوان مراد في “نداء الوطن”:

لا يخلو الملف الأمني بخلفيته السياسية من بعض التحفظات والتجاذبات على أكثر من خط، في ضوء المخاطر التي ما زالت ماثلة وتستولد توقعات بجولات عنف ولو محدودة نسبياً على الصعيد المحلي تتولّاها إسرائيل، إلى ضربة مرجحة لإيران في حال رفضت ما يعرضه عليها الأميركيون من خيارات لتجنب المواجهة، وإن ارتدت تلك الخيارات في جانب منها، شكل ضغوط وسقوف وعقوبات، باعتبار أن الرئيس ترامب لا يحبّ خوض الحروب والنزاعات العسكرية ويعطي الفرصة حتى اللحظة الأخيرة للحل السياسي برأيه.

المخاوف المشروعة تقتضي في المقابل، قراءة موضوعية ينبغي أن تتبلور بمواقف وخطوات عملية تباعاً من خلال الحكومة تحديداً لتدارك المحاذير، وتفادي أي تباطؤ أو تأخير، قد يمثل ذريعة لتصعيد غير مرغوب، وهو أمر يقع بالدرجة الأولى على عاتق رئيس الحكومة كي “يخفف منسوب الجدل و “الشريعة” التي لا تنتهي أحياناً، وإن كانت بمقاصد طيبة، ليكون على السكة نفسها مع رئيس الجمهورية في بعض التوجهات والقرارت المطلوبة حكومياً”.

تسجل أوساط سيادية نوعاً من الحذر حيال أداء الحكومة في بعض الوجوه، وبخاصة في ما يتعلق بتعزيز جهوزية الجيش والأجهزة الأمنية بشكل أسرع وأفعل، علماً أن دولاً عدة أبدت استعدادها لتزويد لبنان أقله بتجهيزات تساهم في ضبط حدوده البرية والمعابر البحرية، وفي تعزيز القدرة على نشر العديد العسكري لمهمات المراقبة في نقاط أكثر.

وتلفت الأوساط إلى ضرورة عدم الاستخفاف بإصرار “حزب اللّه” على تبرير الاحتفاظ بسلاحه بحجج مختلفة، لأن الدول الغربية والعربية الفاعلة لن تسهل أبداً توفير الأموال اللازمة لإعادة الإعمار، ولن تستطيع في الوقت عينه حماية لبنان من تكرار الاعتداء عليه. فحتى الوعد بقرض دولي أوّلي تبلغ قيمته 250 مليون دولار، لن يتبلور بسهولة، وإذا ما توافر المبلغ، فإن صرفه سيخضع لشروط مشددة تشمل التفاصيل على اختلافها والغايات من الصرف والجهات التي تتولّى الصرف.

وترى الأوساط، أن إنجاز التعيينات الأمنية يمثل خطوة إيجابية بحد ذاتها، على الرغم من التحفظ على اسم أو اثنين، بسبب إصرار “الثنائي” على الإدلاء بدلوه، لكن الأهم أن تتمكن القوى والأجهزة الأمنية على اختلافها من القيام بمهماتها، وبعيداً من افتعال إشكاليات الصلاحيات أو تغطية تقصير من هنا أو تغاضٍ من هناك، على ما حصل في جهاز أمني منذ فترة بدفع من “الثنائي”.

تتوقف الأوساط عند المعلومات حول مبادرة “حزب اللّه” بإزالة الركام من موقع المبنى الذي قصفه الطيران الإسرائيلي، عند تماس الحيّين الشيعي والمسيحي في بلدة رياق – حوش حالا، في 15 تشرين الأول الماضي، ما أدى إلى خراب وأضرار كبيرة في مدافن المسيحيين. على أن “الحزب” استقدم الأسبوع الماضي آليات لرفع الردميات، حتى إذا ما تمّت المهمة، تكشّف الأمر عن وجود كمية ضخمة من الذخائر والعتاد وما يشبه البراميل الصغيرة التي تضمّ مواد شديدة الانفجار، وقد تمّ تحميلها بعناية في شاحنات عدة، أمام أعين عدد من الشهود، حيث بدا أن جماعة “الحزب” “مش كتير فارقة معن”، وقد تم نقل هذه الكمية في شاحنات إلى جهة مجهولة.

كما أن الشكوك تدور حول تحريك كميات من الأسلحة والذخائر في اتجاه البقاع، ونقل بعضها من مواقع معينة في المقلب الشرقي للسلسلة الغربية، مع الإشارة إلى وجود أكثر من نفق ومغارة في أعالي أحد أقضية جبل لبنان، ويمنع الاقتراب منها.

إلى ذلك، يؤكد أهالي بلدات حدودية بقاعية ومرجعيات محلية مسيحية وإسلامية أن التهريب على غاربه عبر الحدود ومن خلال معابر عدة، كما الانتقال من دون أي رقابة جدية لمئات الأشخاص يومياً من سوريا إلى لبنان وبالعكس، الأمر الذي يحتّم اتخاذ خطوات عاجلة وضمن الإمكانات المتاحة أقله عبر إقفال تلك المعابر بالصخور والركام، مع وجود تأكيدات بأن عناصر من “حزب اللّه” ومجموعات سورية قريبة منه ما زالوا ينشطون وإن بحذر عبر الحدود.

في أي حال، ما زال الكلام الذي بلغ رئيس الحكومة نواف سلام من الرئيس الأميركي دونالد ترامب يضج في أذنيه، لجهة ضرورة منع نقل السلاح عبر المطار تحت طائلة تدميره، أو لجهة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وهو ما بلغه من المملكة العربية السعودية أيضاً.

وتتوقف الأوساط السيادية عند حصول جدل في جلسة سابقة لمجلس الوزراء، عندما طرح وزراء محسوبون على “القوات اللبنانية” إعلان حالة الطوارئ على الأقل في مطار رفيق الحريري الدولي ومحيطه وطريقه وحتى وسط العاصمة، لكن رئيس الجمهورية لم يوافق على هذا الطرح، علماً أن “القوات” وعدت بأنها ستعاود اقتراح إعلان حالة الطوارئ إذا تبين حصول خروقات جديدة، أو حصلت إرباكات أمنية خطرة تستدعي ذلك.



إقرأ المزيد