هآرتس: الخطاب الذي ألقاه ترامب في تنصيبه يوضح: لم يُغلق أي حساب
بيروت تايم -

هآرتس 21/1/2025، نتنئيل شلوموفيتس: الخطاب الذي ألقاه ترامب في تنصيبه يوضح: لم يُغلق أي حساب

عندما وقف رونالد ريغان في واجهة الكابتول وأدى اليمين كرئيس، قام بالثناء على الديمقراطية الامريكية، وقال عن استبدال السلطة بأنه “ليس اقل من معجزة”. بعد مرور اربعين سنة بالضبط كان هذا جو بايدن الذي تحدث عن المعجزة الامريكية عندما تم تنصيبه في ظل محاولة انقلاب في الكابتول. “الديمقراطية انتصرت”، قال الرئيس الامريكي الـ 46 واحتفل بذهاب سلفه، من خلال الايمان الساذج بأن عهد دونالد ترامب في كتب التاريخ انتهى. أمس بايدن اضطر الى الجلوس وراء نفس ترامب الذي تم تنصيبه في منصب الرئيس الـ 47. المعجزة تم الحفاظ عليها، لكن الديمقراطية ما زالت عالقة.

ترامب بدأ رسميا ولايته الثانية باحتفال تنصيب متوتر في مبنى الكابتول. هو في الحقيقة قام بجمع اصوات اكثر من أي رئيس جمهوري في الثلاثين سنة الاخيرة. ولكن فوزه غير كبير كما يقول. فرغم أنه فاز على كمالا هاريس بفرق 1.4 في المئة فقط، إلا أنه صمم في خطاب التنصيب وقال إن انتصاره “كبير وساحق وتاريخي”. وقد تحدث عن “التفويض الكبير الذي حصلت عليه من الشعب الامريكي”. وأوضح بأن لديه نية كاملة لاحداث تغييرات بعيدة المدى باسم هذا التفويض. من الافضل تصديقه لأنه هكذا يعتقد، وأنه هكذا سيفعل ايضا.

في خطاب تنصيبه الاول في العام 2017 اوضح ترامب بأنه لن يسير في الطريق البلاغية لاسلافه، الذين استغلوا المنصة من اجل تقريب النفوس وارسال رسائل متفائلة. احيانا ظهر وكأنه رئيس من السلالة القديمة، مثلا عندما وعد بأن “عهد جديد ذهبي يبدأ الآن”، أو عندما تعهد بأن بلاده “ستغرس علم امريكا على المريخ”. ولكن خلال كل الخطاب كان ترامب بكامل الترامبية.

فوق أي شيء آخر هو كان منشغل بمصالحه. حتى أن هذا الموقف التاريخي لم يقنعه بالتخلي عن كراهيته ووضعها جانبا، ولم يمنعه من اغلاق الحسابات الصغيرة والكبيرة. “رحلتي للفوز من جديد في جمهوريتنا لم تكن سهلة. هذا ما يمكنني قوله لكم. لقد حاولوا سلب حريتي وحياتي. فقط قبل بضعة اشهر رصاصة شخص حاول اغتيالي اخترقت أذني”.

الروح القتالية والغضب تم الشعور بهما بالاساس عندما تحدث عن الموضوع الاكثر اهمية بالنسبة له وهو اخضاع منظومة القضاء. عمليا، الموضوع الاول الذي ظهر في خطابه هو الملفات القانونية التي تملص منها فقط بسبب فوزه في الانتخابات. “أنا لن اسمح بأن تصبح القوة الكبيرة للحكم سلاح لمطاردة الخصوم السياسيين – الشيء الذي أعرفه جيدا. هذا لن يحدث مرة اخرى. في فترة ولايتي سنرسخ منظومة عادلة، نزيهة وغير منحازة، في ظل الدستور وسلطة القانون”.

الاشارة في خطته الى منظومة القضاء توجد في اوساط الجمهور، مع المدعية العامة المعينة بام بوندي، ورئيس الـ اف.بي.آي المعين كاش باتل. الولايات المتحدة في عهد بايدن وصفها بخزان الكلمات التي على الاغلب تصف منطقة محتلة، وأعلن بأن تنصيبه مثل العيد. “20 كانون الثاني 2025 سيكون بالنسبة للامريكيين يوم التحرر. أنا آمل بأن يتذكروا هذه الانتخابات كالانتخابات الاهم في تاريخ الدولة”.

في خطابه وضع على طاولة مجازية مسدسين، يتوقع أن يطلقا النار على السلطة الثالثة. وقد وعد بأنه سيعلن عن حالتي طواريء وطنية، في سوق الطاقة والحدود مع المكسيك. هذه الخطوات ليست رمزية على الاطلاق، بل تسمح له بمصادرة صلاحيات دول، وأن يأخذ بكلتا يديه السيطرة المباشرة على قوات الشرطة والجيش، وارسالها الى الحدود. حسب بعض التقارير ترامب لا ينوي الاكتفاء بالحدود، بل ينوي الدفع قدما بعمليات اعتقال في معاقل الديمقراطية وفي المدن الكبيرة.

قسم رئيسي من خطابه تم تخصيصه للسياسة الخارجية للولايات المتحدة. هو بدأ الخطاب بأنه ينوي أن يكون “المبشر بالسلام والموحد القومي”. في نفس الوقت اشار الى أن توجهه هو مواجهة عدد من الدول، على رأسها المكسيك وبنما، وكل العالم ايضا بواسطة رسوم الحماية. “نحن سنسترجع قناة بنما”، قال ترامب. واشار الى الثمن الذي دفعته الولايات المتحدة لبناء القناة في بداية القرن العشرين. واحتج على الثمن الذي تجبيه بنما وعلى تأثير الصين في القناة. “لم يتم اعطاء القناة للصين، بل لبنما”.

تعهد ترامب باعتبار كارتيلات المخدرات في المكسيك منظمات ارهابية، يردد صدى رغبة قديمة له وهي مهاجمة اراضي المكسيك. في ولايته الاولى كان يوجد حوله حراس عتبة افشلوا هذا الدافع، لكن في هذه المرة هو يقوم بتعيين في الكابنت اشخاص منافقين، لا توجد لهم مؤهلات، وكل نجاحهم السياسي يعتمد عليه.

إن استياء ترامب، الذي لم يبتسم ولو لمرة واحدة، كان ظاهرا للعيان. يحتمل أن ذلك يتعلق بنقل احتفال التنصيب الى مبنى الكابتول للمرة الاولى بعد اربعين سنة بسبب موجة البرد الشديدة. رغم أنه حصل على كل ما حلم به، حيث كل رجال قمة السلطة والقضاء وقطاع رجال الاعمال، وقفوا وصفقوا له، إلا أنه تذمر وتكدر وجهه. في جيل 78، الرئيس الاكبر سنا في التاريخ لا ينوي اجراء تغيير حقيقي في شخصيته. نائبه جاي دي فانس (40 سنة)، بالذات كان مسرورا لكونه على بعد نبضة قلب واحدة من المكتب البيضوي.

هكذا، قبل اربع سنوات واسبوعين بالضبط كانت ساحة الكابتول التي تم تنصيب ترامب فيها، ساحة جريمة دموية. في هذا المكان الذي أدى فيه يمين الولاء للدستور، اندفع جمهور غاضب وحاول القيام بانقلاب حقيقي. وقد فعل ذلك بعد تحريضه وتأجيجه وارساله من قبل ترامب نفسه، في مسيرة بروحية الشارع. بعد ذلك نجح ترامب في طمس الواقع الذي شاهده الامريكيون ببث حي ومباشر. بايدن فشل في حماية الديمقراطية، وترامب يعود الى الحكم أقوى مما كان في السابق.

بضع ساعات قبل استبدال الحكم، بايدن استغل اليوم الاخير في منصبه من اجل التوقيع على عدد من حالات العفو التي تدل على الخطر الكامن في عودة ترامب. الدكتور انطوني باوتشي، ورئيس الاركان السابق مارك ميلي، واعضاء الكونغرس الذين عملوا في لجنة التحقيق لفحص الاندفاع نحو الكابتول قبل اربع سنوات، ورجال الشرطة التي قدموا شهاداتهم في اللجنة – جميعهم حصلوا على العفو رغم أنهم لم يرتكبوا أي جريمة. سبب ذلك هو أن ترامب يمكن أن يفي بوعده، الانتقام من كل الذين حاولوا جعله يتحمل المسؤولية عن افعاله، وتقديمهم للمحاكمة. خلال ساعات احتفال التنصيب اعلنت “رويترز” نقلا عن شهود عيان بأن صورة مارك ميلي تمت ازالتها عن جدار البنتاغون في فرجينيا.

في تصريح مطول، وهو الاخير الذي نشره كرئيس، شرح بايدن لماذا اختار حماية الابرياء بدون ذكر اسم من سيأتي بعده. “أنا لا يمكنني الجلوس مكتوف الأيدي. هؤلاء هم الذين قاموا بالهجوم في 6 كانون الثاني، وعملوا على تقويض وتهديد لجنة التحقيق في محاولة لاعادة كتابة التاريخ، ومحو وصمة 6 كانون الثاني من اجل مكاسب حزبية، والمطالبة بالانتقام وتهديد المدعين العامين”، كتب بايدن. بعد بضع ساعات جلس الى جانب براك اوباما وبيل كلينتون وجورج بوش الابن وكمالا هاريس. هذه المجموعة لم تصفق.

مركز الناطور للدراسات والابحاث فيسبوك

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-01-21 16:44:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي



إقرأ المزيد