إخلاء سبيل بعض موقوفي طرابلس: التسييس سيد الأحكام
المدن -

بعد ادّعاء النيابة العامّة العسكرية على 35 متظاهرًا بجرائم الإرهاب والسرقة (موقوفين وغير موقوفين)، الأسبوع الفائت، على خلفية أحداث طرابلس، صادقت اليوم الاثنين 1 آذار محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي طاني لطوف، على قرار قاضي التحقيق العسكري مارسيل باسيل، بتخلية موقوفين اثنين في أحداث طرابلس الأخيرة، هما عمر البقاعي ووائل حمزة؛ وجاء القرار بعد أن استأنف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي، قرار باسيل وطلب ابقاءهما موقوفين، كما سبق وأطلق سراح الموقوف محمد عبيد قبل يومين إنفاذاً لقرار قاضي التحقيق.  

وعليه، جرى حتى الآن إخلاء سبيل 8 من أصل 24، ليبقى موقوفًا 16 شابًا (13 من طرابلس و3 من البقاع)، بينما هناك نحو 11 شخصًا من المدعى عليهم غير موقوفين، وفق ما أفاد "المدن" عضو لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين في لبنان، أيمن رعد. 
حدث هذا فيما استأنفت اليوم أيضاً مجموعة من أهالي الموقوفين أعتصامها أمام المحكمة العسكرية في بيروت.  

جملة ملاحظات
وللتذكير، فإنّ ادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة القاضي فادي عقيقي، بجرائم الإرهاب والسرقة، كان قد أضيف إلى جملة ادعاءات تتعلق بـ"محاولة قتل مدنيين وعسكريين، معاملة قوى الأمن بالشدّة، المشاركة في تظاهرات الشغب، التخريب، إضرام النار بالأبنية المأهولة، وتحقير رئيس الجمهورية". واستندت حينها على المادة 335 التي تعاقب على "إقدام شخصين أو أكثر على تأليف جمعية بهدف ارتكاب الجنايات على الناس أو الأموال أو النيل من سلطة الدولة وهيبتها أو التعرض لمؤسساتها المدنية والعسكرية"، وعلى المادة 638 من قانون العقوبات التي تعاقب بالأشغال الشاقة من 3 إلى 10 سنوات على السرقة "إذا وقعت على أموال أو موجودات مؤسسة حكومية". (راجع "المدن").  

وهنا، يوضح رعد جملة من ملاحظاته على المسار القضائي للملف، ويعتبر أن ثمة تجاوزات كبيرة، على مستوى ادعاء النيايبة العامة العسكرية بكل الجرائم على المتهمين، من دون الإسناد للأفعال، مما يصعّب مهمة قاضي التحقيق، لأن طبيعة الاتهامات لا تستند إلى معيار موضوعي، حسب تعبيره. 
ويؤكد رعد أن المحامين يقدمون طلب إخلاءات سبيل لكل الموقوفين، قبل صدور القرار الظني للمحكمة بالملف.  

وفي السياق، يلفت مدير مركز المعونة القضائية في نقابة المحامين في طرابلس، المحامي فهمي كرامي، أن ثمة تكتماً شديداً بالمحكمة العسكرية حول ملف موقوفي أحداث طرابلس. ويشير لـ"المدن" أن نقابة محامي طرابلس أوكلت محامياً لكل موقوف، وقد حضروا جميعًا الاستجوابات الأسبوع الفائت، بعد الادعاء عليهم بتهمة الإرهاب، و"نتيجة الاستجوابات، طلب المحامون اخلاءات السبيل، لا سيما أن الموقوفين نفوا ارتباطهم بأي عمل إرهابي أو رمي للمولوتوف".  

ويوضح كرامي أن إخلاء السبيل لا يعني تبرئة المُدعى عليهم، فيما يعمل المحامون على منع محاكمتهم لدى صدور القرار الظني لاحقًا.

سلسلة طويلة من التجاوزات
وبعد مضي شهرٍ على أحداث طرابلس التي وقعت في نهاية كانون الثاني 2021، وانتهت بإحراق مبنى البلدية والمحكمة الشرعية، كما أسفرت عن مقتل الشاب عمر طيبا وسقوط أكثر من 400 جريح، طالت الملاحقات الأمنية والتوقيفات عشرات الشباب في المدينة، إلى جانب موقوفي البقاع، وتوزعوا جميعًا على مراكز أمنية مختلفة، وقد بدأت التحقيقات في الأصل بسلسلة طويلة من التجاوزات والانتهاكات لحقوق الموقوفين. وكان أولها خرق المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، التي تعطي الموقوف بعض الضمانات كالتواصل مع عائلته وتوكيل محامٍ يحضر معه التحقيقات، والحصول على كشف طبي. لكن لم تُعطَ جميعها لدى توقيف المتهمين بهذا الملف.  

وكما معظم الملفات "الأمنية" المتعلقة بطرابلس، خضعت قضية موقوفي أحداث طرابلس للتسييس - وبينهم قاصر (راجع "المدن") - ما ينذر بتداعيات خطيرة لهذه التوقيفات، إذا استمر الإصرار "القضائي" على إلصاق تهمة الإرهاب بشباب هذه المدينة المهمشة.  




إقرأ المزيد